المصدر: Getty

الأحزاب السياسية العلمانية في مصر: تنازع من أجل الهوية والاستقلال

تسبّبت الأحزاب العلمانية في مصر، في كثير من الحالات، بتدهور وضعها إلى الأسوأ من خلال محاولاتها الرامية إلى الصمود وتحسين مكانتها.

نشرت في ٣١ مارس ٢٠١٧

لطالما كانت الأحزاب السياسية العلمانية في مصر عالقة بين مطرقة دولة مُتجبِّرة ومُتغطرسة وبين سندان معارضة إسلامية في غالبيتها. صحيح أن فترة الانفتاح السياسي الوجيزة والمضطربة بين 2011 و2013 وفّرت لهذه الاحزاب فرصاً لاسابق لها، إلا أن اندلاع العنف والاستقطاب الحاد اللذين تليا الانقلاب العسكري في ٢٠١٣، عرّضاها إلى سيل من الضغوط أكثر من أي وقت مضى. والآن، باتت السياسات الرسمية في مصر مجرد لعبة تُدار بإحكام، ويُحظّر فيها أي نوع من الاستقلالية الحقيقية. لكن قد تُعاود بعض الأحزاب البروز مجدداً كطرف منافس، إذا ماسنحت فرصة أخرى لمنافسة سياسية حرة.

ضغوط الدولة

  • خلال تصنيف الأحزاب السياسية العلمانية المصرية، لن يكون مفيداً استخدام طيف اليسار- اليمين التقليدي، بل سيكون من الأدق والأصوب ترتيب هذه الأحزاب وفقاً لطبيعة علاقتها بالدولة: بين التي تشكّلت لدعم الدولة وحسب، وبين تلك التي تواصل بحيوية ونشاط معارضتها.
  • تأسّس العديد من الأحزاب العلمانية لتكون منافساً سياسياً حقيقياً، لكن استقلاليتها تساقطت خلال رحلتها على هذا الدرب.
  • لطالما كانت الدولة تقوِّض الأحزاب العلمانية عبر الحملات المتواصلة لتشويه سمعتها، واستتباعها، وإفسادها، أو تقسيمها من داخلها. وقد ظهرت مثل هذه الممارسات طيلة عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك واستؤنفت بعد انقلاب 2013.
  • واليوم، تتعرّض حتى الأحزاب العلمانية التي دعمت الانقلاب والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، إلى حملات بعد أن حاولت الحفاظ على قدر من الاستقلالية، مثلاً عبر مقاومة الانضمام إلى كتلة مؤيدة للسيسي في البرلمان.

إجراءات يائسة

  • ألحقت الأحزاب العلمانية أضراراً لنفسها بنفسها، من خلال تبنّي مواقف يائسة وغالباً غير مبدئية لمجرد الحفاظ على البقاء.
  • في الفترة بين 2011 و2013، كانت الأحزاب العلمانية فَزِعَة من انتصارات الإسلاميين الانتخابية التي بدت وكأنها مُندفعة كسيلٍ جارف لايقاوم، إلى درجة أنها دعت الجيش إلى التدخل في الشأن السياسي، فقصمت بذلك ظهر فترة الانفتاح الديمقراطي القصيرة.
  • هلّل العديد من الأحزاب العلمانية للانقلاب 2013 ولزمت الصمت المُطبق حول عمليات القتل الجماعي التي تلته، مُسقِطَةً بذلك أي ادعاء بأنها تدافع عن القيم التي تزعم أنها تُمثّل. ومع ذلك، تعرّضت إلى ضغوط لإبداء الولاء الأعمى للدولة.
  • انتقدت أحزاب أخرى انتهاكات حقوق الإنسان والحكم العسكري، وقاطعت السياسات الرسمية منذ الانقلاب.
  • على رغم الوسائل المتنوّعة التي جرى فيها تشويه سمعة الأحزاب العلمانية- ناهيك عن أنها هي نفسها شوّهت سمعتها- في أعين المواطنين، إلا أن بعضها لايزال يتمتع بما يكفي من الجاذبية الإيديولوجية والحيوية التنظيمية لتمكنيها من المشاركة في السلطة، إذا ماشهدت مصر انفتاحاً سياسياً آخر.

مقدّمة

دأبت الأحزاب السياسية، طيلة تاريخ مصر الحديث، على بذل الجهد لبلورة وإبراز هويات واضحة المعالم والحفاظ على استقلاليتها، في خضم عملها في بيئات يسُوسها حكّام من ذوي الرؤوس الحامية. ومنذ تعليق الإطار الديمقراطي الجزئي في الخمسينيات عقب أول انقلاب عسكري في البلاد، واجهت الأحزاب المصرية التي تحمل برامج وتمثّل منابر متباينة، مروحة من القيود القانونية والسياسية. وهذا أمر انطبق على وجه الخصوص على الأحزاب العلمانية، التي يتعيّن فهم الأبعاد التاريخية لنضالاتها إذا ما أردنا تحليل واستشراف أهميتها السياسية راهناً ومستقبلا.

لكن، يجب على المرء أولاً أن يتفكّر بما يعنيه تعبير حزب علماني في مصر، وكيف شكّلت كلٌ من الهوية والبيئة السياسية تطوّر مثل هذه الاحزاب. إذ أن الكيفية التي عرّفت بها الأحزاب السياسية نفسها، وعُرِّفَت في سياقها، كان لها، وسيبقى، تأثير مباشر على قدرتها على تعبئة الدعم والمشاركة في صنع السياسات.

إذا ما قاربنا مسألة الهوية في عمق مستوياتها الأساسية، سنجد أن مجرد النطق بتعبير "حزب سياسي علماني" يمكن أن يُشعل فوراً مجادلات وسجالات في مصر. لكن، ماذا يعنيه تعبير "علماني" في هذا السياق؟ هل يعني أن الحزب إلحادي، أي يُحبّذ إزالة أي ذكر لله أو الدين من الدستور، أم أن العلمانية هي ببساطة مبدأ لايستند إلى أي فلسفة دينية؟ يساعد تعريف قاموس مريام- وبستر لما هو علماني كنقطة انطلاق، حيث يحدّده على أنه ذاك الذي "لايكون جهاراً أو على وجه الخصوص دينيا".1

الآن، إذا ما وضعنا هذا التعريف قيد التطبيق، يمكن أن نقول إن السمات المُحدّدة للأحزاب العلمانية هي أنها لاتستند إلى إيديولوجيا دينية ما. بالطبع، لاتدعو كل الأحزاب العلمانية إلى دولة لاتتضمن وثائقها المؤسِّسَة المبادئ الدينية، كما أن العديد من أعضاء مثل هذه الأحزاب مؤمنون دينياً على نحو شخصي، بيد أن الدين ليس من بين أركان برامجها. على سبيل المثال، هدف الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي تأسِّس في آذار/مارس 2011 هو إقامة "دولة مدنية، ديمقراطية وحديثة، يكون فيها الشعب مصدر السيادة".2 لم يرد ذكر الدين في البيان التأسيسي لهذا الحزب، هذا في حين أن حزب الحرية والعدالة المُنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين والذي تأسّس في نيسان/أبريل 2011، يدعو، على رغم إبداء دعمه للديمقراطية، إلى "دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية"، وإلى "تطبيق الشريعة في حياتنا كلها باعتبارها مصدر الحكمة والرحمة الالهية".3 ولذا، وإدراكاً للواقع بأن القضايا الجوهرية للهوية معقّدة، وبهدف تسهيل النقاش، سنُحدّد الحزب على أنه علماني إذا لم يكن الدين ركناً من أركان هويته أو هدفه المُعلن.

لكن، إذا ماوضعنا جانباً مسائل الهوية، ما هي على وجه التحديد التحديات التي تُواجه الأحزاب العلمانية في اشتقاق أدوارها السياسية؟ الواقع أن الاحزاب العلمانية عملت منذ استهلال دورها في ظل ظروف بالغة الصعوبة. وهي، على عكس الأحزاب الإسلامية، لم تكن قادرة على الإفادة من استخدام الهيئات والموظفين المرتبطين بالمؤسسات الدينية (مثلاً تنظيم وجمع التبرعات داخل المساجد). ثم أنها، وعلى عكس الأحزاب المُرتبطة بالدولة، لم يكن بمقدورها الإفادة من المنشآت الرسمية أو الإعلام الذي تسيطر عليه هذه الأخيرة، أو تعبئة التكنوقراط. مثل هذه الظروف دفعت الأحزاب العلمانية إلى الانجذاب عموماً نحو أحد مراكز السلطة المُهيمنة: إما الدولة التي يُسيطر عليها الجيش أو المعارضة الإسلامية (الأولى كانت عموماً أقوى بكثير من الثانية).

جهدت الأحزاب العلمانية، التي وجدت نفسها عالقة بين مطرقة دولة يُسيطر عليها الجيش والأجهزة الأمنية وبين سندان معارضة يُهيمن عليها الإسلاميين، إلى بلورة هويات متّسقة، وأيضاً إلى بناء قواعد دعم وتمويل في أوساط المجتمع المدني. وقد شكّلت هذه التحديات- التي دفعتها إلى دعم، ومعارضة، ومساومة، الدولة (أو التعرّض إلى مخاطرها) بُنية هذه الأحزاب بعمق وتركت بصماتها على علاقاتها مع المواطنين. ومنذ الانقلاب العسكري العام 2013، كانت حتى الأحزاب التي وافقت على المشاركة في العمل السياسي تحت جناح الإطار السلطوي المُنبثق مجدداً، عرضة إلى تهميش مُنتظم، وعاينت تقلُّص فضاءات عملها المستقل، مع إحكام قبضة الأجهزة العسكرية والأمنية على السلطتين السياسية والاقتصادية. وهنا، تُوفِّر التكتيكات الإيديولوجية والتنظيمية التي استخدمتها هذه الأحزاب في صراعاتها بعض المؤشرات الدالّة على أيٍّ منها قد يكون أكثر قدرة من غيره على البقاء والاستمرار، إذا ما برزت آفاق انفتاح سياسي جديد لاحقا.

تصنيف الأحزاب العلمانية

في حين يستطيع المصريون بالسليقة معرفة ما يمثّله كل حزب في الحياة السياسية المحلية، إلا أن الأمر سيكون مُحيرّاً ومربكاً للمراقب الخارجي حين يحاول تحديدها وتصنيفها. إذ أن استخدام طيف اليمين واليسار في توصيف المشهد العلماني المصري لايبدو مفيدا. فبعض الاحزاب تميل إلى المحافظة الاجتماعية، فيما تنحو أحزاب أخرى نحو الليبرالية، كما ثمة من ينحاز إلى أفكار السوق الحرة الاقتصادية ويُحبِّذ آخرون الاقتصاد بقيادة الدولة. ومع ذلك، محاولة فهم موقع الأحزاب العلمانية في الحياة السياسية المصرية في سياق مثل هذه التمايزات قد يكون مُضللا. ففي أواسط السبعينيات، شَطَرَ الرئيس آنذاك أنور السادات الاتحاد الاشتراكي العربي (الحزب الحاكم الذي أسّسه سلفه جمال عبد الناصر) إلى ثلاثة منابر، مُوجداً بذلك منبر "التجمّع" اليساري، ومنبر الأحرار الليبرالي، إلى جانب الحزب الحاكم (الذي أُطلق عليه اولاً اسم حزب مصر العربي الاشتراكي ثم لاحقاً الحزب الوطني الديمقراطي). كان هذا مجرد صرح اصطناعي أسفر عن جعل النخبة المؤيّدة للجيش محور الحياة السياسية. ومذّاك، كانت التطورات مُربكة للمراقبين، حيث أن بعض الأحزاب التي بدت قريبة إيديولوجياً من الدولة المصرية كانت الأكثر معارضة بشدة لها؛ فيما ظهرت أحزاب وكأنها متميّزة إيديولوجياً عن الدولة لكنها كانت في الواقع من داعميها سراً وراء الكواليس. الشكل 1 يُظهر قائمة بالأحزاب السياسية العلمانية الناشطة منذ 2011 و2017.

ثمة طريقة أخرى لتصنيف الأحزاب المصرية، هي وضعها وفق التحقيب الزمني الذي تأسست خلاله. أحد الأحزاب العاملة راهناً في مصر- الوفد- وُلد قبل نحو قرن (1923) إبّان الحقبة الديمقراطية الجزئية التي عاشتها البلاد قبل انقلاب الضباط الأحرار العام 1952. وبالتالي، يمتلك هذا الحزب خبرة ماضية مرتبطة بالانتخابات الحرة نسبياً والحياة البرلمانية النشطة- وإن كانت مُقيّدة آنذاك بالنظام الملكي والسلطة الاستعمارية-. عمد الضباط الأحرار إلى حظر الأحزاب في العام 1953، وكرّس عبد الناصر نظام الحزب الواحد، فلم تُؤسَّس أي أحزاب سياسية جديدة خلال تلك الحقبة. أعاد كلٌ من الرئيسين السادات وحسني مبارك (1970-1981، و1981-2011) على التوالي السياسات التعددية المحدودة وسمحا للأحزاب السياسية بمعاودة الظهور. وهكذا، تأسّس حزب الوفد الجديد العام 1978، جنباً إلى جنب مع أحزاب أخرى. والحال أن كلّاً من السادات ومبارك كانا أسياد المناورات، وبالتالي تلوّنت الأحزاب التي تأسست في عهديهما بالقمع والاستلحاق في آن، أكثر مما تبلورت بالمنافسة.

وُلِدَ العديد من الأحزاب السياسية خلال فترة الانفتاح السياسي الوجيزة التي تلت سقوط حكم مبارك (2011-2013)، وتأسست حفنة قليلة منها بعد الانقلاب العسكري العام 2013. وفي حين أن ظروف التأسيس والتجارب التاريخية للأحزاب لها دلالات بحثية قيّمة، (الأحزاب التي تشكّلت إبّان حقب الانفتاح السياسي والتنافس النسبي تنحو اليوم إلى الحفاظ على حيوية أكثر من تلك التي تأسست في خضم مراحل التقييد السياسي)، إلا أنها لاتميط اللثام بما فيه الكفاية عن الأدوار الفعلية للأحزاب الراهنة هذه الأيام.

لكل ذلك، ولأغراض تتعلّق بهذا التحليل، جرى اختيار تصنيف مختلف للأحزاب السياسية العلمانية المصرية، استناداً إلى مدى قربها من الدولة (ليس القربى الإيديولوجية بل تلك المتعلّقة بالسلوك السياسي). بكلمات أوضح نتساءل: هل هذا الحزب أو ذاك يطمح إلى الوصول إلى السلطة عبر التنافس الانتخابي وقيادة الدولة في يوم ما، أم أنه يتطلّع فقط إلى نيل حظوة الدولة ودعمها، وبالتالي الظفر بالمحسوبية ومنافعها؟

الجواب قد يبدو واضحاً فوراً في بعض السياقات. إذ من البديهي أن يطمح أولئك الذين يشكّلون أحزاباً سياسية، إلى ارتقاء معاريج الحكم عبر الانتخابات، وإلا لماذا يقومون بما يقومون به من جهود؟ لكن الواقع أن هذا ليس واضحاً في بلد له تقاليد سلطوية مديدة ومُحكمة. وهكذا، كان أكثر الأمور الفاقعة والغريبة التي اكتشفها المصريون خلال فترة الانفتاح السياسي القصيرة هي المناخات المتغيّرة، حيث انقلب فجأة المواطنون الذين كانوا لأمد طويل سلبيين وزاهدين سياسياً إلى أطراف واعية ومُهتمة، ووضعوا هذا الوعي موضع التطبيق في مجالات كمواقع العمل، والمدارس، والأحياء. كان العمل السياسي بالنسبة إلى المصريين لعقود طويلة قبل 2011 حقلاً يعج بكل ألوان الفساد- وهو عاد كذلك مجدداً بعد حملات القمع الوحشية التي بدأت العام 2013-، وكانت بعض الأحزاب مجرد صدفات فارغة لامبرر لوجودها سوى مساعدة الحكومات السلطوية على خلق وهم التعددية، فيما لايوجد في الواقع أي شكل كان من أشكال التنافس ولا تظهر تلك الأحزاب رغبة جادة في مقارعة الدولة وسلطتها الحاكمة.

الآن، إذا ما ابتكرنا طيفاً للأحزاب السياسية العلمانية يستند إلى التمييز بين تلك القريبة من الدولة والأخرى التي تعارضها بقوة ونشاط، يمكننا تصوّر نقاط رئيسة عدة:

  • فيما تزعم بعض الأحزاب العلمانية أنه ليس لها ارتباطات مع الدولة، يبدو في الواقع أنها تشكّلت بهدف رئيس (سواء مُعلن أو غير مُعلن) هو دعم الدولة. وهذا يسحب نفسه على معظم الأحزاب التي تأسست منذ انقلاب 2013، على غرار "مستقبل وطن" الذي حصد 53 مقعداً في الانتخابات البرلمانية العام 2015.4 وعلى الرغم من أن الطيف السياسي الموالي للدولة غرق حتى أذنيه في بحر متلاطم من الفوضى بعد حل الحزب الوطني الديمقراطي العام 2011، إلا أن قلة من الأحزاب تشكّلت حتى في الفترة المباشرة التي تلت الثورة ووسّعت نشاطها بعد انقلاب 2013 (مثل "حزب الشعب الجمهوري" الذي فاز بـ13 مقعداً في انتخابات 2015).
  • طرحت بعض الأحزاب السياسية العلمانية، أو حاولت أن تطرح، تحدّياً سياسياً قوياً في وجه الدولة في بداية تشكُّلها، لكنها باتت لاحقاً مُستلحقة جزئياً أو مُهددة من قِبّل الدولة. الأنموذج لهكذا أحزاب كان حزب الوفد المُحترم- الذي هيمن على الحياة السياسية البرلمانية وحركة الاستقلال الوطني من نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى انقلاب الضباط الأحرار العام 1952- منذ تأسيسه الثاني (تحت مسمّى الوفد الجديد) في 1978. وثمة أنموذج ثانٍ هو "حزب المصريين الأحرار" الذي تأسس بعد ثورة 2011 كحزب علماني لرجال الأعمال. هذان الحزبان يحتلان الآن مقاعد كافية في البرلمان كي يصبحا شريكين مفيدين في داخل كتلة أكبر (لدى "الوفد" 35 مقعداً في مجلس النواب الحالي و"الوطنيين الأحرار" 65 مقعدا) ، لكنهما تضعضعا من داخلهما بفعل فضائح الفساد والصراع على القيادة الذي أثارت الدولة لهيبه.
  • هناك حفنة من الأحزاب العلمانية- جُلّها تأسس بعد 2011- التي تواصل محاولة طرح تنافس إيديولوجي أو سياسي قوي في وجه الدولة، حتى في ظل ظروف صعبة للغاية منذ 2013. معظم هذه الأحزاب تقريباً فازت بمقاعد في الانتخابات البرلمانية العام 2011، لكن معظمها أيضاً إما قاطع انتخابات 2015 أو تنافس من موقع بائس للغاية مع أحزاب مؤيّدة للانقلاب. أكبر هذا النوع من الأحزاب هو الحزب الديمقراطي الاجتماعي الذي فاز بـ14 مقعداً في انتخابات 2011 و4 مقاعد في 2015. أما الأحزاب الأخرى على غرار "الحزب الدستوري" و"مصر القوية"، اللذين أسسهما على التوالي المرشحان السابقان لمنصب الرئاسة محمد البرادعي وعبد المنعم أبو الفتوح فقد تأخّر تشكيلهما، ما أعاق قدرتهما على التنافس في 2011 وقاطعا الانتخابات في 2015. لم يفز الحزبان قط بأي مقعد لكنهما لايزالان يُعتبران مُهمّين سياسياً بسبب الدعم المفترض الذي يحوزانه في أوساط الشباب، وأيضاً بسبب حيويتهما في الجامعات. كل هذه الأحزاب المُنتمية إلى هذه الفئة تتعرض إلى ضغوط شديدة من قبل الدولة منذ 2013، على الرغم من أن بعضها اصطف إلى جانب الجيش في البداية.

كيف أضعفت الدولة الأحزاب العلمانية

لطالما كانت الدولة المصرية، عبر استخدامها لترسانة ضخمة من الوسائل التي تتراوح بين القمع والاستلحاق، لاعباً رئيساً في المشهد الحزبي السياسي. ونتيجةً لذلك تأثّر دور الأحزاب السياسية بعمق بسلوكيات الدولة. وقد واجهت الأحزاب السياسية المصرية منذ منتصف الخمسينيات قيوداً قانونية وأخرى خارج القانون، ما أعاقها تنظيمياً ومالياً وإيديولوجيا. خلال عهد عبد الناصر (1956-1970) لم يُسمح لأي حزب بالعمل عدا الحزب الحاكم- الاتحاد القومي من 1956 إلى 1961 والاتحاد الاشتراكي العربي من 1962 إلى 1970-. أما خليفته السادات (1970-1981) فلم يسمح سوى بحياة حزبية محدودة ومُصطنعة بدءاً من العام 1976، فيما وضع مبارك (1981-2011) هيكلية ترخيص للأحزاب حُبِكَت بطريقة مُحكمة بحيث لايرخّص إلا للأحزاب عديمة الفعالية.5 كل هذا تغيّر خلال فترة الانفتاح السياسي الوجيزة من شباط/فبراير 2011 إلى تموز/يوليو 2013، حين أُشرعت الأبواب على مصراعيها أمام الأحزاب السياسية وجرى رسميا تسجيل العشرات منها من كل الأنواع.

لكن، بعد انقلاب 2013 تم حظر أكبر حزب إسلامي (حزب الحرية والعدالة المُنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين) وتواصل العمل لمضايقة معظم الأحزاب الإسلامية الأخرى (ماعدا حزب النور السلفي الذي دعم الانقلاب)، لمنعها من الاشتراك كلياً في الحياة السياسية- على سبيل المثال عبر سجن قادتها ورفع دعاوى قضائية ضد وضعيتها القانونية-. وعلى الرغم من أن الأحزاب غير الإسلامية لم تتعرّض إلى هذا المصير القاسي، إلا أن المناخات السياسية لما بعد 2013 كانت مُقوّضة لها أيضا.

عمدت الدولة المصرية غالباً، باستثناء فترة الانفتاح السياسي القصيرة من 2011 إلى 2013، إلى اتخاذ خطوات قانونية وخارج القانون لضعضعة وإضعاف الأحزاب السياسية العلمانية. ففي عهد مبارك، كان هناك نظام قانوني معقّد للترخيص للأحزاب (لجنة الأحزاب) تسيطر عليه الغرفة العليا من البرلمان (مجلس الشورى) التي تُعيّن نسبة كبيرة من عضويتها، وهو الأمر الذي عني واقعا أن الحزب الوطني الديمقراطي هو الذي كان يقرر أي حزب منافس يمكن الترخيص له. وعدا الخطوة الأولى للترخيص، كان هناك العديد من الحالات التي ينشط فيها ممثلو الدولة لزرع بذور الشقاق داخل بعض الأحزاب، باعتبار أنها تجاوزت الخطوط العُرفية لحدود النشاط المعارض المقبول.

إحدى هذه الحالات حدثت مع حزب العمل الاشتراكي، الذي تأسس أصلاً العام 1978 كجزء من توجّه السادات لإعادة السياسات التعددية بشكل مقيّد ومحدود. لكن في العام 1990، شكّل هذا الحزب اليساري تحالفاً انتخابياً مفاجئاً مع جماعة الإخوان المسلمين. وفي حين كانت النيّة الأصلية لقادة هذا الحزب دفع الإخوان إلى مسار اشتراكي، إلا أنه بدا أن معارضة إسلامية ظهرت بالفعل إلى الوجود. وفي العام 2000 كان حزب العمل الاشتراكي وصحيفته "الشعب" تقودان الدعوة إلى تطبيق الشريعة في مصر وتُطلقان الاتهامات في وجه الكتّاب الذين يُوسمون بالكفر. وحينها، رعت الدولة انشقاقاً في القيادة، واستخدمت قانون الأحزاب التقييدي لتعليق عمل الحزب وصحيفته في أيار/مايو العام 2000.6

الأكثر شهرة في هذه العمليات كان الانشقاق المُدبّر من جانب الدولة في حزب الغد، الذي أسّسه العام 2004 أيمن نور، وهو آنذاك عضو شاب في البرلمان من حزب الوفد كان برز في ذلك الوقت كصوت قيادي صادح بالليبرالية. أما لماذا تم الترخيص لحزب الغد- فيما وحدها الاحزاب المُدجّنة كان يُسمح لها آنذاك بتشكيل أحزاب- فهذا كان لغزاً إلى حد ما، لكن يُحتمل أن يكون نظام مبارك قد استهان بمدى قدرة نور على ممارسة دوره كقوة جديدة داخل المعارضة. وعلى رغم أن نور هُزِمَ بشكل ساحق في تحدّيه لمبارك في أول انتخابات متعددة المرشحين في أيلول/سبتمبر 2005، إلا أن صدى انتقاداته العلنية العنيفة لمبارك ترّدد في أوساط العديد من المصريين، ما أثار حفيظة النظام.7 سُجِنَ نور بتهم تزوير وثائق في كانون الأول/ديسمبر 2005، ثم حدث انشقاق في قيادة حزب الغد فاحت منه روائح تدخّل الدولة. وعلى رغم إطلاق سراح نور لدواعٍ صحية في العام 2009، واصل الرجل التخبّط في حمأة القضايا القضائية المتعلّقة بانشقاق القيادة. وفي نهاية المطاف، شكّل أيمن نور حزباً جديداً هو "غد الثورة" بعد إطاحة مبارك، لكنه أُجبِرَ لاحقاً على حزم حقائبه إلى المنفى بعد معارضته انقلاب 2013.8

خَمَدَ تلاعب الدولة بالأحزاب خلال مرحلة الانفتاح السياسي المضطربة، لكنها أطلّ برأسه ثانية، وبقوة، عقب الانقلاب. فقد جرى علناً قمع الأحزاب التي عارضت الانقلاب بقوة وقسوة، وحظر حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان كلياً العام 2014، وعلقت معظم الاحزاب الإسلامية الأخرى في شباك دعاوى قضائية واعتُقل قادتها، فيما طوردت أحزاب علمانية صغيرة مثل حزب العدل ومصر الحرية وكادت تنقرض.9

مع الوقت، ومع تصاعد وتائر السلطوية في مرحلة مابعد الانقلاب، تعرّضت حتى بعض الأحزاب العلمانية التي دعمت الانقلاب في البداية إلى تخريب من قِبَل الدولة. كان أول حزب علماني تم استهدافه هو حزب الدستور الذي أسّسه المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي. ومع أن هذا الأخير كان من أبرز الدعاة للديمقراطية الليبرالية، إلا أنه دعم في البداية الانقلاب ضد الرئيس آنذاك محمد مرسي، ووافق على العمل كنائب رئيس جمهورية مؤقت في تموز/يوليو 2013. وهذا أضفى صدقية مهمة على زعم الجيش الأوّلي بأن هدف الانقلاب هو استعادة الديمقراطية. بيد أن البرادعي استقال فجأة وغادر البلاد بعد القتل الجماعي في ساحة رابعة العدوية في 14 آب/أغسطس 2013، تاركاً حزبه من دون قيادة. ومنذ ذلك الحين، يتخبّط الحزب خبط عشواء، تهدّه صراعات قياداته مع بعضهم البعض. وقد اشتكت أول رئيس منتخب للحزب بعد رحيل البرادعي، وهي هالة شكر الله، (أول إمراة ومسيحية تترأس حزباً في البلاد) من أنها غير قادرة على إدارة الحزب وفقاً لميول قواعده الشعبية الشبابية في معظمها، بسبب التدخلات المتواصلة لأعضاء بارزين لهم روابط بالدولة.10

برزت ظاهرة مماثلة داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي عامي 2015 و2016، حين بدأ أولئك الذين أسّسوا الحزب العام 2011- وهم ليبراليون سياسياً مع ميول نحو الوسط- اليسار اقتصاديا- يُواجهون تنافسات ومماحكات من أعضاء أرادوا دفع الحزب أكثر نحو التحالف التام مع دولة مابعد الانقلاب. كان الديمقراطيون الاجتماعيون قد دعموا الانقلاب وحظوا بتمثيل قوي في حكومة مابعد الانقلاب، وكذلك في الجمعية التأسيسية التي شُكِلَت العام 2013 لصياغة دستور جديد للبلاد. وفي ضوء سياسات القمع المتفاقمة التي طبّقها الجهاز العسكري والأمني، نأى العديد من الليبراليين سياسياً بأنفسهم عن دولة مابعد الانقلاب- بما في ذلك الرئيس السابق للحزب محمد أبو الغار، ونائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق زياد بهاء الدين. بيد أن أعضاء آخرين- بعضهم وجوه جديدة برزت بعد 2013 –، كانت لهم مواقف أكثر محافظة وتأييداً للدولة من مؤسسي الحزب ودفعوا باتجاه معاكس.11 في هذه الأثناء، كان الأعضاء اليساريون واليمينيون يتصارعون علناً على القيادة، ما أدى إلى إصابة الحزب بالوهن وشوّه سمعته كأحد أحزاب مابعد 2013 التي تتمتّع بقاعدة شعبية واسعة وقابلة للحياة والاستمرار.

أما حزب المصريين الأحرار، الذي يحظى بدعم واسع من رجال الأعمال والطائفة المسيحية، فعانى من مصير ربما كان حتى أكثر قتامة في أواخر 2016 وأوائل 2017. كان هذا الحزب المُموّل جيداً، والذي أسّسه في العام 2011 نجيب ساوريس، وهو قبطي وأحد أكبر رجال الأعمال في البلاد، قد حصد 17 مقعداً في الانتخابات البرلمانية العام 2011. لكنه، ومن موقعه كمعارض صريح وحاد لجماعة الإخوان المسلمين، أيّد بحماسة متّقدة الانقلاب وفاز بـ65 مقعداً- أي أكثر من أي حزب بمفرده -في انتخابات 2015. وعلى رغم أنه كان عموماً داعماً لسياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي ومُبرّراً للانتهاكات الكاسحة لحقوق الإنسان منذ انقلاب 2013، إلا أن الحزب امتنع عن الانضمام إلى كتلة مؤيّدة للنظام في البرلمان، وفضّل الاحتفاظ بقدر ولو ضئيل من الاستقلالية. لكن لم يمر وقت طويل حتى بدأت قيادة بديلة تُطل برأسها داخل الحزب، وتضغط لإبداء دعم أقوى للدولة، فعمدت إلى تقليص عضوية الحزب كي تقتصر على من يُعتبرون موالين للقادة الجدد المؤيدين للدولة، واستبعدت من عضوية كتلة المصريين الأحرار البرلمانية نائبتين (هما نادية هنري وماي محمود) اللتين أصرّتا على معارضة بعض سياسات الدولة التي تعتبرانها مناوئة لليبرالية.12 أما مؤسس الحزب ساوريس فقد أضحت علاقاته بالدولة أكثر اضطراباً وتعقيدا، وذُكر هو أنه أُجبر على بيع "أون تي في"، وهي محطة التلفزة التي كانت تحظى بشعبية وكانت رصيدا مهماً للحزب.13 وفي أوائل 2017، عُزل ساوريس من القيادة بالاقتراع ثم طُرد لاحقاً من الحزب. وهكذا، وفي سنة واحدة، خسر المصريون الأحرار مؤسس حزبهم، وبعض موارد التمويل الرئيسة، ومحطة فضائية، والعديد من الأعضاء والأنصار ومن النواب في البرلمان، ماجعل الحزب في حالة تيه وتخبّط، ضارباً في الآفاق على غير هدى.

رأى المراقبون المصريون في عملية تقويض حزب المصريين الأحرار- وهو حزب يدعم السيسي لكنه حائز على موارد مالية وقدرات تنظيمية كافية لتجعله يشعر بالقوة- دليلاً على تصميم الدولة على منع بروز بيئة تعددية، بما في ذلك حتى تلك التي تستبعد معظم الإسلاميين. بيد أن أحد مراقبي الأوضاع المصرية، محمد العجاتي، وبعد أن لاحظ استخدام المُتسللين السياسيين كتكتيك ذائع الصيت من حقبة مبارك لتقويض أحزاب المعارضة، رأى أن استهداف حزب المصريين الأحرار ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، وأظهر أن النظام لايقبل أقل من "الطاعة العمياء" من شركائه السياسيين.14 أما كاتب مقالات الرأي في جريدة المصري اليوم الذي يحمل الاسم المستعار "نيوتن"، فهو تحسّر على حزب المصريين الاحرار لأنه واجه "نهاية كل حزب" كما حدث للعديدين قبله.15 كما حذّر من أن الجهود العنيدة التي تبذلها الدولة لتشويه سمعة الأحزاب العلمانية وتقويضها، ستؤدي في خاتمة المطاف إلى تسليم الساحة السياسية إلى الإسلاميين على طبق من فضة.

كيف أضرّ العلمانيون أنفسَهم بأنفسِهم

لم تكن الدولة وحدها من ألحق الأذى بالأحزاب العلمانية. إذ لطالما انتُقدت هذه الأحزاب إبّان مرحلة الحرية السياسية المحدودة في عهدي السادات ومبارك بسبب نخبويتها، وافتقادها إلى الديمقراطية الداخلية، وفسادها المالي، وعدم استعدادها للعمل بكد لبناء قواعد شعبية حقيقية خارج المدن الرئيسة. علاوةً على ذلك، اتخذت الأحزاب العلمانية، حين برز انفتاح سياسي العام 2011، خطوات نسفت مصداقيتها والانفتاح الديمقراطي التي كانت تدّعي أنها تثمّنه عاليا.

رحلة عاصفة من 2011 إلى 2013

تأقلمت الأحزاب العلمانية قديمها والجديد بشكل مُتباين مع الانفتاح السياسي المُضطرب في الفترة بين 2011 و2013. فالأحزاب التي تأسسّت وهدفها الرئيس دعم الدولة وخلق صورة مزيّفة للتعددية الحزبية، فوجئت بالأحداث ووقعت في حيص بيص لاتعرف كيف تقوم بهذه المهمة في خضم بيئة متغيرّة.

تلت استقالة مبارك في 11 شباط/فبراير 2011 بعد 18 يوماً من الانتفاضة الشعبية، عملية ارتقاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى أعلى مراتب السلطة التنفيذية.16 وقد تم حظر الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم سابقاً،17 وباشرت جماعة الإخوان المسلمين وبقية ألوان الطيف الإيديولوجي- من السلفيين إلى الأعضاء السابقين في جماعة الإخوان- تأسيس الأحزاب.18 كما جرى الترخيص لأحزاب علمانية جديدة وسُمح لها بالعمل بحرية نسبيا.19 بدا لوهلة حينها أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيقبل التنافس الديمقراطي والمداورة في السلطة كمداميك لسياسات مابعد مبارك.

كان هذا تغييراً مُربكاً للأحزاب العلمانية المُوالية للدولة التي تشكّلت قبل العام 2011، والتي كانت عموماً صغيرة وتفتقد إلى قاعدة شعبية. وفي الفترة بين 2011 و2013، كان الهدف الرئيس لهذه الأحزاب هو مجرد البقاء على قيد الحياة، وانضم بعضها كحزب الجيل الديمقراطي إلى الائتلاف الانتخابي الذي قادته جماعة الإخوان في 2011-2012، وحصل على مقعد واحد في مجلس الشورى (الغرفة العليا من البرلمان التي يُعيّن أعضاؤها جزئياً ويُنتخبون جزئيا).20 وثمة أحزاب أخرى موالية للدولة، على غرار أحزاب تأسست حديثاً مثل مصر القومي، وحزب الحرية، وحزب المواطن المصري، رشّحت أعضاء سابقين في الحزب الوطني الديمقراطي وحصدت حفنة من المقاعد.21

في هذه الأثناء، كانت الاحزاب العلمانية القديمة التي لديها قدر من الادّعاء بأنها مستقلة، بما في ذلك الوفد، وحزب التجمع الوطني التقدمي، وحزب الجبهة الديمقراطية التي تنافست جزئياً مع الدولة وجرى استلحاقها جزئياً بها، فقد كانت توّاقة إلى المشاركة بحرية أكبر في سياسات مابعد 2011. وقد حدّدت طبيعة تفضيلاتها الإيديولوجية والسياسية نوعية نهجها، وشكّلت مختلف أصولها التنظيمية والمالية آفاق فرصها وحظوظها.

اختار حزب الوفد أولاً، بقيادة السيد البدوي، بناء تحالف انتخابي ضخم مع جماعة الإخوان أُطلق عليه اسم التحالف الديمقراطي من أجل مصر.22 هذا التحالف، الذي أُعلن لخوض الانتخابات البرلمانية العام 2011، ضمّ العديد من الأحزاب الإسلامية الصغيرة مثل حزب الحضارة، كما ضمَّ أيضاً أحزاباً علمانية منها حزب الكرامة الناصري وحزب غد الثورة (كلاهما رُخِّص لهما بعد إطاحة مبارك) وحزب الجبهة الديمقراطية.23 بيد أن الخلافات بين الوفد وجماعة الإخوان في مايتعلّق بالعدد الإجمالي لمرشحي كلٍ منهما، إضافةً إلى دور الدين في البرنامج الانتخابي، أسفرا عن فشل التحالف.24 انسحب الوفد، ومعه معظم الأحزاب العلمانية، بما في ذلك الجبهة الديمقراطية، من التحالف. بيد أن حزبي الكرامة وغد الثورة واصلا التنسيق مع جماعة الإخوان، وتوصلا إلى وضع بعض مرشحيهما على لوائحها.25

قرر الوفد بعد مغادرته التحالف الديمقراطي خوض الانتخابات البرلمانية مُستقلاً. وقد مكّنته ماكينته التنظيمية المنظّمة جيداً وفروعه في معظم المحافظات والمدن الكبرى المصرية وإمكاناته المالية المستقرة، من ترشيح أعداد توازي عدد مرشحي الإخوان.26 أما الأحزاب العلمانية الأخرى، بما في ذلك الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب المصريين الأحرار، إضافة إلى حزب التجمع، فقد تعهّدت بالمنافسة في الانتخابات البرلمانية ضد التحالف الديمقراطي الذي يقوده الإخوان، وأيضاً ضد تحالف إسلامي آخر كان يؤسسه حزب النور السلفي.27 برزت الكتلة المصرية كائتلاف انتخابي علماني مناوئ للإخوان، وجاء تمويلها من رجال أعمال كبار علمانيين كساوريس.28 طرحت هذه الكتلة، التي استقطبت إلى صفوفها الجبهة الديمقراطية وعدداً من الأحزاب العلمانية الصغيرة، برنامجاً علمانياً يُصر على فصل الدين عن السياسة وشؤون الدولة.29 بيد أنها نسّقت بقوة مع الكنائس المسيحية لضمان تصويت المسيحيين الأقباط لمرشحيها. نتيجةً لذلك- وعلى خلاف الأهداف الأوّلية للأطراف المعنية- أضحت البيئة السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العام 2011 أكثر استقطاباً وفق خطوط دينية، حيث اعتُبر التحالف الديمقراطي مُمثلاً للاتجاه الغالب للمصرييين المسلمين، والكتلة المصرية مُمثلة للطائفة القطبية.30 وهذا أضرّ بالجاذبية الانتخابية للكتلة المصرية وحرفها عن الطبيعة العلمانية لبرنامجها.

ومما زاد الطين بلّة أمام الكتلة المصرية أن كلاً من الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب المصريين الأحرار كانا جديدين ولا سجل خبرة يُذكر لهما في المشاركة الانتخابية وأصولاً تنظيمية محدودة- على عكس جماعة الإخوان والوفد-. كما جهدت الجبهة للعثور على مرشحين لهم شعبية تؤهلهم خوض السباق الانتخابي على المستوى الوطني.31 علاوةً على ذلك، مال الأعضاء السابقون في الحزب الوطني الديمقراطي- المنغرسون في النسيج الاجتماعي للأرياف بفعل روابط القربى مع العائلات الكبيرة ونظراً للدور الذي لعبوه في ملاحقة معاملات الخدمات العامة لصالح مجتمعاتهم المحلية- إلى الترشُّح على لوائح الوفد وإلى حد أقل على لوائح الإخوان.32 وفي هذه الأثناء، كان الناشطون الشبان العلمانيون الذين برزوا كمجموعة قوية في ثورة 2011 وماتلاها من محصلات، أقل اهتماماً عموماً بتنظيم أنفسهم لخوض الانتخابات البرلمانية، وسعوا إلى مواصلة تحرّكهم من خارج العملية السياسية الرسمية. وحتى حين بات بعضهم مهتماً بالعملية الانتخابية، إلا أنهم لم ينجذبوا إلى الكتلة المصرية على الرغم من توجهاتها العلمانية، بسبب ما اعتبروه هيمنة رجال الأعمال الأقوياء عليها.33 وهكذا، وبفعل صعوبة العثور على مرشحين يُعتد بشعبيتهم، لم تطرح الكتلة لوائح ومرشحين إفراديين في كل الدوائر، واقتصرت على المدن الكبيرة (مثلاً القاهرة والإسكندرية) وبعض محافظات الأرياف.34

قررت مجموعة من الأحزاب اليسارية الصغيرة والليبرالية الصغيرة أيضا كسر طوق الاستقطاب الإسلامي - المسيحي الذي انغمست في حمأته الكتلة المصرية، فشكّلت ائتلافاً علمانياً ثانياً في العام 2011 باسم "الثورة مستمرة".35 هنا عمدت أحزاب يسارية تأسس العديد منها حديثاً على غرار "التحالف الشعبي" اليساري، والحزب الاشتراكي المصري، والحزب الشيوعي المصري، عمدت إلى رصّ الصفوف مع حزب مصر الحرية الليبرالي وحزب "التيار المصري" الشبابي الثوري.36 ومع أن ائتلاف "الثورة مستمرة" نجح بالنأي بنفسه عن الاستقطاب الديني وبلور برنامجاً علمانياً وديمقراطياً واضحا، إلا أن جاذبيته الانتخابية كانت ضعيفة لأسباب متعددة. فالقدرات التنظيمية والشخصية للائتلاف لم تستطع جمع الأموال الضرورية للمشاركة في الانتخابات ثم أن الخطاب العلماني الواضح- المقرون بالنقد ضد جماعة الإخوان والكتلة المصرية لاستخدامهما الدين لأغراض سياسية-، لم يرق لأقسام واسعة من الجسم الانتخابي. ولذا، طرح ائتلاف "الثورة مستمرة" عدداً صغيراً من اللوائح والمرشحين الإفراديين في انتخابات 2011 البرلمانية، واعتُبر عموماً مجرد باقة من الأحزاب الصغيرة المثالية التي لا تستطيع الفوز في الانتخابات.37

إبّان الانتخابات البرلمانية للعام 2011 تشظّت الأحزاب العلمانية. فائتلافاتها المتبانية أربكت الناخبين، وانخراط بعضها في عملية الاستقطاب الديني سلّم أقساماً كبيرة من الناخبين إلى الإخوان والسلفيين. وفي خاتمة المطاف، ساعدت الأصول التنظيمية والمالية والإرث التاريخي حزب الوفد على حصد 32 مقعداً في مجلس الشعب،38 فيما مكّنت الأصوات القبطية ومعها التمويل الكثيف والحملات الإعلامية العاصفة الكتلة المصرية من الفوز بـ34 مقعدا.39 ائتلاف "الثورة مستمرة" حصل على 7 مقاعد فقط،40 وحزب الكرامة 6 مقاعد على لوائح جماعة الإخوان المسلمين.41

هيمن حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان والأحزاب السلفية على مجلس الشعب (الذي التأم في كانون الثاني/يناير 2012)، مع حصدها معاً ثلاثة أرباع المقاعد،42 فيما تواصل تشظّي الأحزاب العلمانية داخل المجلس. حزب الوفد مال إلى التعاون مع الإخوان والسلفيين، واختار نواب الكتلة المصرية ونواب علمانيون آخرون انتهاج استراتيجية مُعارضة. كانت حسابات الوفد مُنبثقة من البراغماتية التي ورثها من عهد مبارك، أما الإسلاميون فقد بدا في العام 2012 أنهم يتمتعون بحظوة المؤسسة العسكرية، وأنهم بدأوا يشقون طريقهم ليصبحوا المحور السياسي الجديد في مصر. كان الوفد، الذي تأقلم دوماً مع حقائق التعددية المحدودة في عهد مبارك، مستعداً للمشاركة في سياسات مابعد 2011 وفق واقع الهيمنة الإسلامية ومعها فرضية تشكيل الإسلاميين والجيش مؤسسة حاكمة جديدة.43

أما الأحزاب العلمانية في الكتلة المصرية فقد تبنّت استراتيجية مُغايرة. فهي بدلاً من أن تعتبر المكاسب المتواضعة التي حققتها في الانتخابات بداية طيبة لأحزاب طرية العود وحديثة التأسيس، أطلّت، ومعها ممولوها وناخبوها، على هيمنة الإسلاميين على أنها هزيمة مُحققة.44 لا بل أكثر: اعتبر كل هؤلاء أن هذه الحصيلة هي ثاني هزيمة لهم، بعد فشلهم في إسقاط الاستفتاء الدستوري الذي فرضه المجلس الأعلى للقوات المسلحة في آذار/مارس 2011.45

كانت المجموعات العلمانية، ماعدا حزب الوفد، قد حثّت الناخبين في ربيع 2011 على التصويت بـ"لا" في الاستفتاء الذي طُرحت فيه تعديلات على دستور 1971 وطُلب من الناخبين التصديق عليها. ساورت هنا المجموعات العلمانيين والناشطين الآمال بأن التصويت بـ"لا" سيمهّد الطريق أمام صياغة دستور جديد قُبيل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية (بدلاً من العكس)، ولذلك شنّوا حملات إعلامية قوية لتعبئة الناخبين ضد التعديلات المقترحة.46 بين أن أغلبية كاسحة من الجسم الانتخابي (نحو 78 في المئة) صوّتوا لصالح التعديلات التي تبنّاها الإسلاميون والمؤسسة العسكرية.47 ثم أن الإسلاميين، وخاصة منهم السلفيون، عمّقوا مشاعر الهزيمة هذه في صفوف العلمانيين من خلال تصوير نتائج الاستفتاء الدستوري على أنه تصويت لصالح الإسلام، وأيضاً على أنه تفويض كاسح للإسلاميين ورفض لأي فكرة عن فصل الدين والسياسة- هذا على رغم أن أياً من التعديلات المقترحة لا تتعلّق بدور الدين في السياسة أو بشؤون الدولة.48

بعد أن واجهت الأحزاب العلمانية في الكتلة المصرية في أوائل 2012 مجلس شعب يُهمين عليه الإسلاميون، وبعد أن تجرّعت كأس هزيمتها الثانية، قررت الامتناع عن التعاون مع الإسلاميين، وحاولت بلورة برنامج مُعارض في البرلمان. وهكذا، ومنذ اليوم الأول لجلسات البرلمان، كانت التوترات وغياب الثقة بين نواب الإخوان والسلفيين وبين النواب العلمانيين في الكتلة واضحة للعيان. هذا في حين وجدت أحزاب علمانية أخرى، تمثّلت بحفنة مقاعد في البرلمان، نفسها معلّقة في الهواء بين موقف حزب الوفد المستعد للتعاون مع الإسلاميين وبين معارضة الكتلة المصرية لذلك، فسارت على طريق التهميش السياسي.49

كان الإخوان المسلمون يعتبرون السلفيين منافسين لهم وداعبوا فكرة التعاون مع المجموعات العلمانية، لكن حين واجهوا طيفاً علمانياً متشظياً ومعادياً لهم إلى حدّ ما، تحرّكوا للتقارب مع السلفيين، وبذلك عززوا أكثر البرنامج السلفي المحافظ والمتطرف الذي كان عماده المطالبة بتطبيق الشريعة وإسباغ تهمة الكفر على الآراء العلمانية.50 وخلال الفترة القصيرة من عمر برلمان 2012 (تم حل مجلس الشعب في حزيران/يونيو 2012 بعد قرار من المحكمة الدستورية العليا)،51 لم تُظهر أي مرحلة أخرى مدى عمق التوترات الاسلامية- العلمانية وانزلاق الإخوان نحو السلفيين، كهذه المرحلة التي شهدت تشكيل الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد.52

نصّت التعديلات الدستورية التي أُقرَّت في ربيع 2011 بأن البرلمان بمجلسيه (مجلس النواب ومجلس الشورى) سيشكّل الجمعية التأسيسية. في البداية، عمد الإخوان المسلمون، وبفعل حذَرَهم من السلفيين، إلى مفاتحة النواب العلمانيين للاتفاق على كيفية تشكيل الجمعية التأسيسية. لكن، وكما كان الحال مع التحالف الديمقراطي من أجل مصر، أدّت الخلافات على عدد المقاعد المُخصصة للإسلاميين بالمقارنة مع الأحزاب العلمانية في الجمعية التأسيسية، إلى إحباط التسوية.53

في خاتمة المطاف، تشكّلت الجمعية بأغلبية إسلامية وأقلية علمانية ضئيلة للغاية، فانسحب النواب العلمانيون منها.54 وفي نيسان/أبريل 2012، أسقطت محكمة إدارية الجمعية التأسيسية حتى قبل أن تبدأ مداولاتها.55 شُكِّلت جمعية ثانية، سبقتها مرة أخرى مفاوضات فاشلة بين الإسلاميين والأحزاب العلمانية. ومرة أخرى أيضاً تأمّنت أغلبية للإخوان والسلفيين، لكن مع عدد أكبر قليلاً من الأعضاء العلمانيين من كل من البرلمان وخارجه، وتم تمثيل المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية، جنباً إلى جنب مع الأذرع القضائية والتنفيذية للدولة.56

أسفرت الصراعات حول الجمعية التأسيسية إلى مزيد من تقويض الثقة بين الأحزاب الإسلامية والعلمانية، وعمدت الكتلة المصرية على وجه الخصوص إلى مباشرة دورها في العرقلة وبذلت جهوداً لنزع الشرعية عن الإطار السياسي لفترة مابعد 2011. وفي وقت مبكر من ربيع 2012، كانت أحزاب مثل المصريين الأحرار والجبهة الديمقراطية والتجمّع تحث المؤسسة العسكرية على التدخّل في الشأن السياسي، وتأجيل مسودة الدستور والانتخابات الرئاسية، إلى أن يتم التوصّل إلى موازين قوى أخرى جديدة بين القوى الإسلامية والعلمانية. ولاحقاً ستطرأ المزيد من الأحداث التي ستُعزز موقف العرقلة الذي اتخذه العلمانيون.57

في ربيع 2012، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين أنها ستطرح مرشحاً للانتخابات الرئاسية المُقررة في أيار/مايو وحزيران/يونيو 2012. وهذا كان على طرفي نقيض من الموقف الذي كانت تؤكد عليه الجماعة ليل نهار خلال العام 2011، وكذلك بعد الانتخابات البرلمانية، من أنها لن تحاول احتكار كلٍ من السلطتين التشريعية والتنفيذية، بل ستقتصر على المشاركة في البرلمان والجمعية التأسيسية. هذا الموقف صدم الأحزاب العلمانية، لكن الأهم أنه شكّل أيضاً صدمة للمؤسسة العسكرية.58

جار رد جنرالات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذين كانوا لازالوا يمسكون بزمام السلطة التنفيذية في ذلك الوقت، على موقف الجماعة الجديد سلبياً، وحظوا في ذلك تأييد معظم الأحزاب العلمانية. حاول الجنرالات تقويض عملية صياغة مسودة الدستور من خلال إصدار إعلان دستوري مكمل حُوِّلَ بموجبه الجيش إلى السيد الحقيقي للسياسات المصرية وأنيط به واجب "الحفاظ على النظام الدستوري والفصل بين السلطات".59 وقبلها استبعد الجنرالات، من خلال عملية شبه قضائية، الرجل القوي في جماعة الإخوان خيرت الشاطر عن الانتخابات الرئاسية، بعد أن كان قد طُرح اسمه أولاً كمرشح للإخوان.60 واستخدموا أيضا حكماً أصدرته المحكمة الدستورية العليا لحل مجلس الشعب بعد ستة أشهر فقط من بدء جلساته.61

مثّل حل مجلس الشعب والإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره الجيش في حزيران/يونيو 2012 وحيكت خيوطه لنسف السياسات التعددية القائمة على العملية الانتخابية، هجمتان مُتقدمتان من الجيش على عملية الدمقرطة الوليدة في البلاد. ومع ذلك، اصطفّت معظم الأحزاب العلمانية، بما في ذلك حزب الوفد، إلى جانب الجيش وبررت خطواته. وهكذا أطلقت أحزاب، مثل المصريين الأحرار والتجمُّع وأيضاً (على نحو متزايد) الحزب الديمقراطي الاجتماعي، العنان لمشاعرهم المناهضة للإسلاميين وسمحت لهذه المشاعر بتشكيل أدوارها السياسية، وسوّغت الخطوات المناوئة للديمقراطية التي أقدمت عليها المؤسسة العسكرية على أنها ضرورية لممارسة الضغوط على الإخوان والسلفيين.62 وبذا، عرّضت الأحزاب العلمانية نفسها هي أيضاً إلى الخطر، وقوّضت مسار الدمقرطة الذي كانت تدّعي الالتزام به. وقد أصبحت هذه المشاعر الكامنة والديناميكيات ذات شأو مرة أخرى في تشكيل مواقف الأحزاب العلمانية إزاء انقلاب 2013.

مع وصول التوترات العلمانية-الإسلامية إلى ذرى شاهقة، انغمست المؤسسة العسكرية في صراع على السلطة مع جماعة الإخوان، وباتت مصر تقترب من الانتخابات الرئاسية العام 2012 وهي تمر في لحظة فوضوية خطرة. ومع ذلك، بقيت الأحزاب العلمانية متشظية أكثر من أي وقت مضى. وعلى رغم أن معظمها لم يطرح مرشحاً لانتخابات الرئاسة، إلا أنها أيّدت بشكل مباشر أو غير مباشر مرشحين مستقلين متباينين. فالوفد دعم ترشيح الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الذي كان وزيراً للخارجية في عهد مبارك،63 فيما رشّح حزب الكرامة مؤسسه حمدين صباحي،64 وأيّد التحالف الشعبي ترشيح البرلماني المخضرم أبو العز الحريري، ووضع نواب علمانيون مستقلون تواقيعهم على بيان ترشيح المحامي المناصر للعمال خالد علي.65 أما حزبا المصريين الأحرار والجبهة الديمقراطية فقد رأيا في رئيس الحكومة السابق أحمد شفيق أفضل رهان للعلمانيين ودعماه بشكل غير مباشر،66 في حين لم تؤيد أحزاب أخرى، كالحزب الديمقراطي الاجتماعي، أي مرشح وطلبت من أعضائها الاقتراع وفق ماتمليه عليه ضمائرهم.

وهكذا، ومجدداً، يُسفر التشظي عن خسائر كبرى للأحزاب العلمانية. فالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو 2012 انتهت بفوز كلٍ من مرشّح الإخوان محمد مرسي ومرشح النظام القديم شفيق، وهزيمة مرشحي الأحزاب العلمانية، كموسى وصباحي. وفي جولة الإعادة في حزيران/يونيو 2012 فاز مرسي وأصبح أول رئيس في مصر يُنتخب بشكل ديمقراطي وكذلك أول رئيس إسلامي.67 ومع ارتقاء مرسي إلى سدّة الرئاسة، افترض الإسلاميون السيطرة على السلطة التنفيذية، إضافة إلى هيمنتهم على مجلس الشورى والجمعية التأسيسية. وهكذا، كانت هزيمة الأحزاب العلمانية مُجلجلة وتحوّلت مخاوفهم من استيلاء الإسلاميين على السلطة إلى نبوءة ذاتية التحقّق. لكن، وبدلاً من الاعتراف بالتأثيرات السلبية لعوامل مثل التبعثر الحزبي، والتنافس بين الأحزاب، ومواقف العرقلة إزاء جماعة الإخوان، وتبرير إجراءات الجيش المناوئة للديمقراطية، انجرفت الأحزاب العلمانية بشكل مطرد نحو مواقف العرقلة وتأييد الجيش.

خلال السنة التي أمضاها مرسي في الحكم كرئيس للجمهورية (حزيران/يونيو 2012- تموز/يوليو 2013)، امتنعت معظم الأحزاب العلمانية عن التعاون مع حكومته، وصعّدت دعواتها إلى الجيش للتدخل في الشأن السياسي. وبعد شهر عسل وجيز للغاية تودد فيها مرسي وجماعة الإخوان إلى الأحزاب العلمانية لحفزها على الابتعاد عن الاستقطاب الذي أحاط بالانتخابات الرئاسية، انفجر الصراع مجدداً وعلى جناح السرعة.68 كان لم يمضِ سوى أسابيع قليلة على بدء ولايته حتى أقال مرسي وزير الدفاع ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، المشير محمد حسين طنطاوي والفريق سامي حافظ عنان، على التوالي، وعيّن مكانهما الفريق السيسي والفريق صدقي صبحي.69 وعلى الرغم من أن هذه الخطوة حظيت بتأييد بعض المجموعات الشبابية الثورية التي طالبت بمساءلة قيادة الجيش القديمة حيال انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في الفترة بين استقالة مبارك في شباط/فبراير 2011 وبداية ولاية مرسي في حزيران/يونيو 2012- إلا أن معظم الأحزاب العلمانية فسّرت هذه الخطوة بأنها مجرد محاولة من الإخوان للسيطرة على الجيش.70 كانت المخاوف عاتية للغاية آنذاك من وجود مؤامرة إسلامية كبرى لخطف الدولة وتقويض الحياد المُفترض للجيش، وسرت شائعات كالهشيم في النار بأن السيسي لم يكن مُسلماً ورعاً وحسب بل هو وثيق الصلة أيضاً بالإخوان.71

نشب نزاع كبير حين كشف مرسي عن إعلان دستوري في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، وضع فيه الصلاحيات التنفيذية والتشريعية في عهدة الرئاسة، وانقلب على تعهده بعدم التدخل في شؤون القضاء من خلال تعيين نائب عام جديد.72 في اليوم التالي، التأم شمل سياسيين علمانيين، مثل البرادعي وموسى، ومعهم قادة معظم الأحزاب اليسارية والليبرالية، في المقر الرئيس لحزب الوفد في القاهرة، للتشديد على رفضهم الإعلان الدستوري. تشكّلت خلال هذا الاجتماع جبهة الإنقاذ الوطني كمنبر علماني مُعارض، ولمّت شمل أحزاب مثل الوفد، والتجمّع، والمصريين الأحرار، والديمقراطي الاجتماعي، والجبهة الديمقراطية، وحزب المؤتمر المصري الذي تأسس حديثاً بقيادة موسى، والتحالف الشعبي، والكرامة، وأحزاب صغيرة أخرى.73

نظّمت جبهة الإنقاذ الوطني، بدعم من قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى الحضرية التي باتت حذرة على نحو متزايد من خطوات الإخوان، حشوداً وتجمعات ضخمة في القاهرة والإسكندرية للمطالبة بتراجع مرسي عن الإعلان الدستوري وبدء حوار وطني حول مجابهة التحديات الرئيسة التي تواجه مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية في مصر.74 فوجىء مرسي بالمشاركة الشعبية الكبيرة في تظاهرات جبهة الإنقاذ، فسارع إلى إلغاء بعض بنود الإعلان، ونقل الصلاحيات التشريعية إلى مجلس الشورى، وألغى حصانة المراسيم والقرارات الرئاسية. لكنه رفض سحب تعيينه للنائب العام الجديد.75

عمدت الأحزاب العلمانية، التي شعرت بالتمكُّن للمرة الأولى عقب سلسلة الهزائم التي مُنيت بها، وبالثقة جراء المشاركة الشعبية في تظاهراتها السياسية، إلى تصعيد ضغوطها على الرئيس المُنتخب، فرفضت سحب مرسي بعض بنود الإعلان وطالبت بإلغائه برمته وإعادة تثبيت النائب العام السابق في منصبه. كما عادت هذه الأحزاب مجدداً إلى تكتيكات العرقلة ورفض معظمها دعوة الرئيس إلى المشاركة في مؤتمر للحوار الوطني.76 رد مرسي وجماعة الإخوان بالتقارب مع الأحزاب السلفية كحزب النور وقواعد الحركة السلفية التي نظّمها النائب السابق والسياسي ذو التأييد الشعبي الواسع حازم صالح أبو اسماعيل.77

وهكذا، وبعد أشهر معدودة من ولاية مرسي، طفا الاستقطاب العلماني-الإسلامي على السطح مجدداً وبحدّة. وفي حين أن مصر الريفية، التي تضم أغلبية مسلمة، بقيت على دعمها للإسلاميين وشعرت أن مرسي يُمثلها، كان الأقباط والعديد من المسلمين والمسيحيين في الطبقات الوسطى يصبحون خصوماً لدودين لـ"حكمه الإسلامي"، كما وُصِفَ في العام 2012. ولإظهار مواقفها المتغيّرة، نزلت الطبقات الوسطى الحضرية إلى الشارع مع تظاهرات جبهة الإنقاذ الوطني ووجّهت نداءات متكررة إلى الجيش كي يتدخل في السياسة ويطيح الإسلاميين من السلطة. وفي هذه الأثناء، كان معظم وسائل الإعلام العامة والخاصة تصدح بالعواطف المشبوبة المؤيدة للجيش، وتسخر بمرارة من مرسي آناء الليل وأطراف النهار.78

سرعان مانشب صراع ثانٍ عقب مسألة الإعلان الدستوري، لكن هذه المرة حول الدستور الجديد للبلاد. فبعد قرار محكمة إدارية إبطال الجمعية التأسيسية الأولى التي شكّلها البرلمان في 2012، استخدم الإخوان والسلفيون سيطرتهم على البرلمان لتشكيل جمعية تأسيسية جديدة. قَبِلَ الوفد ومجموعة من السياسيين العلمانيين بمن فيهم عمرو موسى، عضوية الجمعية وحاولوا، جنباً إلى جنب مع ممثلي السلطة التنفيذية والكنائس المصرية، التعبير عن مخاوف العلمانيين خلال عملية الصياغة الدستورية.79

شكّكت معظم الأحزاب العلمانية علناً بشرعية الجمعية التأسيسية الثانية، وتداولت المحاكم العديد من الطعون القانونية التي طالبت بإبطالها. وقد تعرّض الأعضاء العلمانيون في الجمعية إلى وابل من الحملات من وسائل إعلامية مناوئة للإسلاميين، كما حظيت الدعوات إلى استقالة موسى وممثلي الكنيسة بشعبية في مصر الحضرية. في الوقت نفسه، لم يُخفِ الأعضاء السلفيون في الجمعية تصميمهم على "أسلمة الدستور" وتمهيد الطريق أمام تطبيق الشريعة. وقد مكّن الاستقطاب العلماني-الإسلامي المتصاعد السلفيين من إقناع أعضاء الإخوان في الجمعية بتضمين الدستور بنوداً تتجاوز بكثير الإشارات التقليدية إلى الأحكام الأساسية للشريعة. كان للإخوان والسلفيين أغلبية مريحة في الجمعية، وبالتالي حين بدا واضحاً أن أحد هذه البنود ستُضّم إلى الدستور الجديد،80 قدّم موسى وأعضاء الوفد استقالاتهم في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 ولحق بهم ممثلو الكنائس المسيحية.81

على رغم استقالة العلمانيين، مضى الإسلاميون قُدُماً في خططهم، وتبنّوا دستوراً جديدا. وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 2012، أعلن محمد مرسي أن المصريين سيُدعون إلى قبول أو رفض الدستور في استفتاء يُجرى في 15 و22 كانون الأول/ديسمبر 2012. ذهبت أدراج الرياح دعوات قلة من السياسيين العلمانيين إلى الإخوان والسلفيين إلى إجراء مشاورات إيديولوجية تعددية قُبيل الاستفتاء، وخاضت الأحزاب العلمانية، التي كانت في معظمها منظّمة في جبهة الإنقاذ، نقاشات حول ما إذا كانت ستشارك في الاستفتاء بالتصويت بـ"لا"، أم ستقاطعه.82 كانت مخاوف العلمانيين في الجبهة حيال نتيجة التصويت كبيرة، حيث لاح في الأفق بقوة احتمال الخسارة الانتخابية لصالح الإسلاميين. مع ذلك، استقر رأي الجبهة، خلال عملية ديمقراطية لاتخاذ القرار شكّلت قطيعة مهمة مع تكتيكات العرقلة، على المشاركة في الاستفتاء عبر التصويت بـ"لا". وأفادت الجبهة أيّما إفادة من الدفق الكثيف للأموال الذي جاء من بعض رجال الأعمال الناقدين لجماعة الإخوان، كما أفادت من طبقة وسطى مُستنفرة رأت في معركة الدستور مواجهة حول الهوية الحقيقية لمصر. علاوةً على ذلك، انخرطت جبهة الإنقاذ في عملية تواصل واسعة النطاق مع المواطنين، وشنّت حملات إعلامية لإقناع الغالبية بالتصويت لرفض الدستور. ولبرهة، بدا أن الأحزاب العلمانية لم تتجاوز مخاوفها التقليدية من أقلام الاقتراع وتخلّت عن تكتيكات العرقلة وحسب، بل طرحت وراءها أيضاً كل مناحي شللها وتشظيها.83

انتهى الاستفتاء بتصويت 63.8 في المئة لصالح الدستور المدعوم إسلامياً و36.2 ضده.84 وعلى الرغم من أن هذه الحصيلة مثّلت تزايداً ملحوظاً في عدد الناخبين المناوئين للإسلاميين- من 20 في المئة فقط في الاستفتاء الدستوري العام 2011 إلى أكثر من ثلث الجسم الانتخابي في استفتاء 2012، إلا أن الغالبية في جبهة الإنقاذ فشلت في إدراك أن هذا كان في الواقع كسباً، ورأت فيه، على العكس، هزيمة أخرى محققة أمام الإسلاميين في أقلام الاقتراع. وحينها اكتسبت تكتيكات العرقلة والمواقف المؤيدة للجيش زخماً جديداً، واندفعت بذلك الأحزاب العلمانية في نهاية المطاف إلى تأييد الانقلاب العسكري في صيف 2013.

في الشهور بين تبنّي الدستور الجديد في كانون الأول/ديسمبر 2012 والانقلاب العسكري في تموز/يوليو 2013 رفضت جبهة الإنقاذ، عدا حفنة من السياسيين، كل دعوات مرسي وجماعة الإخوان والأحزاب السلفية إلى حوارات وطنية، ومشاورات دستورية، والمشاركة في السلطة التنفيذية.85 بالطبع، بدا عرض المشاورات الدستورية بعد تبنّي الدستور مجرد نكتة سمجة. ومع ذلك، مثّلت الدعوات الأخرى إلى الحوار وعروض التمثيل للعلمانيين في الحكومة فرصة لتقليص الاستقطاب العلماني-الإسلامي المُشل في مصر. لكن الغالبية في جبهة الإنقاذ رفضت كل هذه الدعوات رفضاً قاطعاً وانخرطت في جهود لاديمقراطية لجلب الجيش إلى السياسة. وفي وقت مبكّر من كانون الثاني/يناير 2013، كان قادة جبهة الإنقاذ يتفاوضون مع الجنرالات حول وسائل التخلّص من "الحكم الإسلامي"، ومال عدد قليل في الجبهة بشكل مطّرد إلى تحبيذ الانقلاب العسكري بدلاً من الوسائل الديمقراطية لمعارضة رئيس مُنتخب ودستور مُقر شعبيا.86

في ربيع 2013 باتت مصر تقترب حثيثاً من نقطة اللااستقرار الخارج عن السيطرة. فمشاهد العنف في الشوارع بين أنصار الإسلاميين والعلمانيين كانت تتوالى فصولا، فيما بدأت المؤسسات الرئيسة للدولة (كـأجهزة الأمن والقضاء) بممارسة تكتيكات العرقلة ضد إدارة مرسي. حينها، بدأ السيسي بإصدار البيانات السياسية والتلميح إلى استعداد الجيش للتدخل لحماية الدولة المصرية.87 وفي أعقاب مظاهرات شعبية ضخمة في 30 حزيران/يونيو 2013 شارك فيها آلاف المصريين من سكان المدن للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكّرة، نفَّذ الجيش انقلابه العسكري في 3 تموز/يوليو 2013.88 تمّ عزل واعتقال الرئيس المُنتخب وإقالة الحكومة وحل مجلس الشورى، وإلغاء دستور 2012، وعُيِّنَ رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً مؤقتا، ولم يُعلن عن انتخابات رئاسية مبكّرة. طرح السيسي هذه الخطوات على المصريين خلال مؤتمر صحافي حضرته نخبة من مؤسسات دينية إسلامية ومسيحية وأهم شخصية في جبهة الإنقاذ: محمد البرادعي.89 وبالتالي، لم يعد ثمة شكّ قطّ بوجود مبادرة علمانية للانقلاب، وبأن ثمة خيانة ارتكبت ضدّ المبادىء الديمقراطية.

منذ 2013: انهيار السياسات الحزبية

اصطفّت معظم الأحزاب العلمانية إلى جانب الجيش في صيف 2013، وبرّرت الانقلاب على أنه خطوة إنقاذ وطني، كما هلّلت بالإطاحة برئيس مُنتخب بوصفها خطوة ضرورية لإنهاء "الحكم الإسلامي". محلياً، مكّنت الموافقة العلمانية، ومعها التعبئة الشعبية الواسعة في 30 حزيران/يونيو 2013، الجنرالات من الزعم بأنهم يركبون موجة من الدعم الشعبي. ودوليا، ساعد إضفاء جبهة الإنقاذ الشرعية على الانقلاب (كما تجسّد أيما تجسُّد في ظهور البرادعي وراء السيسي، فيما كان هذا الأخير يعلن الإطاحة بمرسي، وفي قبول البرادعي أن يكون نائب رئيس جمهورية مؤقتاً في ترتيبات مابعد الانقلاب) الجيش على تجنُّب عقوبات كاسحة من قِبَل الديمقراطيات الغربية التي كانت تقليدياً تكترث للأحزاب العلمانية وتصيخ السمع لها.

بعد الانقلاب، لم يتأخّر الجيش عن توكيد سيطرته على العمل السياسي. فعلى رغم أنه قَبِلَ بتواجد قوي للأحزاب العلمانية في الحكومة التي شُكِّلَت في تموز/يوليو 2013، وعيّن شخصيات عامة علمانية في الجمعية التأسيسية المنوط بها صياغة دستور جديد للبلاد، إلا أن الجيش بدأ يمارس دور صاحب القرار عقب إلغاء دستور 2012. سارع الجيش وأجهزة الأمن إلى اعتقال قادة الإخوان، ودعا السيسي، الذي أطلّ عليه العديد من المواطنين على أنه المُنقذ العسكري الجديد، المصريين إلى منحه تفويضاً شعبياً لمحاربة الجماعات الإرهابية التي قامت السلطة بشكل متواصل ومنتظم بالخلط بين أجنداتها وأجندة جماعة الإخوان. وفي 26 تموز/يوليو 2013، تمّ تنظيم مسيرات وتظاهرات شعبية في طول البلاد وعرضها دعماً للسيسي، تميّزت بحملات ضد الإسلاميين وتشهير بتلك القلة من الأصوات العلمانية التي رفضت الانقلاب.90 المحصلات كانت مروّعة: فقد استُخدم العنف الذي رعته الدولة بانتظام ضد الاحتجاجات الإسلامية، خاصة حين فرّقت وحدات الجيش وقوات الأمن بوحشية اعتصاماً للإخوان في ساحة رابعة العدوية في 14 آب/أغسطس 2013 وقتلت خلاله نحو 1000 مواطن.91

عدا استقالة البرادعي كنائب رئيس جمهورية مؤقت عقب تفريق اعتصام رابعة العدوية، عمدت الأحزاب العلمانية إلى دعم الجيش وأجهزة الأمن علناً، أو على الأقل لزمت الصمت حول انتهاكات حقوق الإنسان. فقد انخرط العديد من السياسيين والمثقفين العلمانيين بالترويج لصورة السيسي كمنقذ وطني- وقارنوه مراراً بالرئيس السابق جمال عبد الناصر الذي لطالما كان شخصية مقدّسة لدى اليسار العلماني-، فيما تعاون آخرون مع وسائط الإعلام التي تسيطر عليها الدولة لشن حملات عنيفة استهدفت الإسلاميين والليبراليين الذين انتقدوا الانقلاب. وهكذا، ساعدت هذه التوجهات والخطوات العملية مباشرة بعد الانقلاب على تسهيل استلام الجيش مقاليد السياسات المصرية، وأسقطت أوراق الاعتماد الديمقراطية لهذه الأحزاب ومعها إدعاءاتها بأنها السَدَنة الحقيقية للحريات في مصر.

لكن، وبالتدريج، انتهى المقام بمعظم الأحزاب العلمانية لأن تتخذ أحد ثلاثة مواقف منذ انقلاب 2013: (1) الدعم الأعمى للدولة وللترتيبات السلطوية الجديدة التي وضعها الجيش قيد العمل، أو (2) التأييد العام للدولة مترافقاً مع محاولات للحفاظ على قدر من الاستقلال أو حيّز لانتقاد سياسات حكومية بعينها، أو (3) إدانة السيطرة العسكرية على العمل السياسي ومعارضة سياسات الحكومة. بيد أن أياً من هذه المواقف لم يمنع انهيار الدور السياسي للأحزاب العلمانية. وكما ألمحنا أعلاه، لحقت أضرار فادحة حتى بتلك الأحزاب التي أيّدت عموماً الدولة، لكنها حاولت الحفاظ على حيّز خاص بها، تماماً تقريباً كتلك الخسائر التي لحقت بالأحزاب التي عارضت علناً السيطرة العسكرية. وقد تسارعت وتائر انتكاسة الفعالية الحزبية، على الرغم من تزايد أعداد الأحزاب المُرخَّص لها، (في أوائل 2017، بلغ العدد 83 حزباً، فيما كان 78 حزباً في صيف 2013).92

أحزاب جديدة موالية للدولة

تتشاطر الأحزاب السياسية العلمانية التي تأسست بعد انقلاب العام 2013 سمات مشابهة، مع اختلافات طفيفة لجهة التأييد الأعمى للدولة. لم يختَر السيسي تأسيس حزب حاكم جديد ليحل محل الحزب الوطني الديمقراطي، لذا استند مناصرو هذا الحزب والأعضاء السابقون فيه إلى علاقاتهم داخل أجهزة الدولة ومداخلهم إلى شبكات المحسوبية لتأسيس أحزاب مثل "مستقبل وطن" و"المؤتمر" و"مصر بلدي". وعلى غرار الحزب الوطني الديمقراطي، تنكبّ هذه الأحزاب على تعزيز سياسات الدولة، مُكرّرةً معزوفة النظام ولا تطرح أي منافسة يعتدّ بها. على سبيل المثال، تم تصوير حزب "مستقبل وطن" أساساً على أنه حركة شبابية، لكن الكثير من مرشّحيه للانتخابات البرلمانية للعام 2015 كانوا طاعنين في السن وأعضاء سابقين في الحزب الديمقراطي الوطني، ناهيك عن أنهم كانوا مصدر التمويل الأساسي للحزب. وقد صرّح قياديون في الحزب بأن لامجال في السياسات المصرية أمام التعدّد الإيديولوجي،93 وهذا مايتنافى مع المسعى نحو إرساء التعددية والديمقراطية الذي طبع الحراك الشبابي في مصر منذ 2011.

ثمة تناغم بين المبادئ العامة للأحزاب السياسية التي نشأت في أعقاب الانقلاب وبين السردية السلطوية للدولة، إذ أنها تولي جل اهتمامها لمكافحة الإرهاب ومناهضة الإسلاموية، من دون أن تنبس ببنت شفة عن الإصلاحات السياسية أو الاقتصادية. ومع أن العديد من هذه الأحزاب تزعم أنها تحمل راية المساواة والعدالة الاجتماعية، إلا أنها تؤيّد حملات القمع التي تشنّها الحكومة على المجتمع المدني بذريعة مكافحة الإرهاب. وعلى الرغم من أن هذه المجموعات فازت بحصة الأسد من مقاعد البرلمان في انتخابات العام 2015، لم يظهر جليًّا أنها حظيت بتأييد كبير في أوساط الناخبين، ذلك أن نسبة الإقبال على انتخابات العام 2015 كانت أقل من ذلك الذي شهدته انتخابات العام 2011،94 كما أن النظام الانتخابي وجّه الناخبين نحو مرشّحين إفراديين عوضاً عن قوائم حزبية. ومنذ العام 2017، لايبدو أن أيّاً من الأحزاب الموالية للحكومة والتي تشكّلت بدءاً من العام 2013 تنجح في بناء قاعدة تنظيمية متينة، أو شبكة مناصرين يُعتد بها، أو نظام لتوزيع المحسوبيات يوازي الشبكات التي أنشأها الحزب الديمقراطي الوطني في عهد مبارك. وتشي الحالة الراهنة، من نواحٍ عدّة، بأن الجيش هو الذي حل محل الحزب الوطني الديمقراطي في مصر السيسي، أكثر من أي حزب سياسي آخر.95

أحزاب تحاول الحفاظ على قدرٍ من الاستقلال

اختارت بعض الأحزاب العلمانية مثل حزب الوفد، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب المصريين الأحرار، التنسيق مع الجيش كي تصبح جزءاً لايتجزأ من السلطتين التشريعية والتنفيذية في مرحلة مابعد العام 2013. وبعد أن أدركت هذه الأحزاب أن الجيش لم ينفّذ انقلابه لتحرير السياسة المصرية على نحو مستدام أو القبول بتقاسم السلطة مع العلمانيين، وافقت على الرضوخ إلى المؤسسة العسكرية وحاولت أن تفسح لنفسها إطاراً مستقلّاً من النشاط على هامش موقع الجنرالات المُسيطر.

أيّد كلٌّ من حزب الوفد وحزب المصريين الأحرار وصول السيسي إلى السلطة وتبنّيا ترشيحه للرئاسة في العام 2014. أما الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فقد رفض اتّخاذ موقف حزبي من الانتخابات الرئاسية، لكن عدداً من أعضائه الموالين للدولة دعموا السيسي على الملأ واستقالوا من الحزب، كما ذكرنا آنفاً، متّهمين قيادته برفض الاصطفاف إلى جانب مُنقذ مصر.96 لكن التعديلات الوزارية العديدة التي شهدها عهد السيسي حتى الآن، لم تضم قياديين من هذه الأحزاب الثلاثة، سواء أكانوا مؤيدين للسيسي أو معارضين له. فواقع الحال أن الساسة العلمانيين استُبعدوا من السلطة التنفيذية بُعيد استقالة الحكومة الأولى بعد الانقلاب برئاسة حازم الببلاوي.

في الانتخابات البرلمانية العام 2015 والتي سيطرت على إدارتها بحزم أجهزة الأمن والمخابرات، قامت الأحزاب العلمانية التي كانت متلهّفة للحفاظ على النزر القليل من استقلاليتها، بطرح مرشّحيها كمنفردين وضمن قوائم انتخابية على حدٍّ سواء، ففاز حزب المصريين الأحرار بخمسة وستين مقعداً، وحزب الوفد بخمسة وثلاثين مقعدا.97 أما الحزب الديمقراطي الاجتماعي المصري فلم يحصل سوى على أربعة مقاعد في مجلس النواب، فبدت هذه النتيجة أشبه بردّ انتقامي أنزلته الدولة بهذا الحزب لامتناعه عن تبنّي ترشيح السيسي للرئاسة، وإطلاق تصريحات مندّدة بانتهاكات حقوق الإنسان وبالقوانين المقيِّدة للحريات. لكن حتى التكتّلات الأكبر، مثل حزبي الوفد والمصريين الأحرار، بدت غير ذات فعالية نظراً إلى فوز ائتلاف "دعم مصر" المؤيّد للسيسي بالغالبية الساحقة من مقاعد البرلمان.98

منذ بدء جلسات مجلس النواب في كانون الثاني/يناير 2016، أعاد نوّاب كلٍّ من حزبي الوفد والمصريين الأحرار التأكيد مجدّداً على دعمهم الكلّي للدولة. وقد عرقلت الغالبية الموالية للحكومة المساعي الرامية إلى استخدام البرلمان كمنبر لانتقاد بعض السياسات التي تنتهجها الحكومة، وتدخّلت أجهزة الأمن بشكل مباشر في شؤون الحزبين لزرع بذور النزاع في أوساط قيادتهما وإثارة الشقاق داخلهما. وكما أومأنا آنفاً، ساند نواب من حزب المصريين الأحرار قياديي الحزب ورئيسه عصام خليل، الذين يحظون بدعم أجهزة الأمن، في إقصاء ساويرس ومجموعته من الحزب، بعد تصاعد انتقادهم لبعض السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها الحكومة. في غضون ذلك، كان حزب الوفد بدوره يعاني من صراع على القيادة بين رئيسه الحالي البدوي، ونائب الرئيس السابق فؤاد بدراوي، ما أحدث شللاً داخل الحزب وحدا بنواب الوفد إلى التنسيق على نحو أوثق مع الائتلاف الموالي للسيسي ونواب أحزاب أخرى مثل حزب مستقبل وطن وحزب المؤتمر.99

أحزاب تعارض الدولة

عارضت مجموعة ثالثة من الأحزاب العلمانية هيمنة الجيش على السياسة، وباتت تنتقد جهاراً السيسي وحكومته، من ضمنها أحزاب "الدستور" و"الكرامة" و"مصر القوية" و"العيش والحرية" و"التحالف الشعبي"، التي حملت راية المعارضة منذ العام 2013، فيما كان الحزب الاجتماعي الديمقراطي يسلك تدريجيا هذا المسار.

انضم حزبا الدستور والكرامة إلى أحزاب أصغر، مثل حزب العدل وحزب مصر الحرية، في تشكيل منبر يُدعى تحالف التيار الديمقراطي في العام 2013.100 ومذّاك، يجاهر التيار الديمقراطي بمعارضة الترتيبات السلطوية التي أُرسيت في أعقاب الانقلاب، مندّداً بالقوانين غير الديمقراطية التي صدرت تحت إشراف السيسي، وبانتهاكات حقوق الإنسان. وقد رفض هذا المنبر، مثلاً، كلّاً من قانون مكافحة الإرهاب وقانون التظاهر مطالباً بتعديلهما،101 ومناشداً الحكومة وضع حدٍّ لانتهاكات حقوق الإنسان، ومن ضمنها التعذيب، والاختفاء القسري،102 واستمرار إحالة المدنيين إلى محاكم عسكرية.103 وهو أوضح أن تورّط أجهزة الأمن في انتهاكات حقوق الإنسان يحظى بمباركة أصحاب النفوذ الفعلي في الجيش.104 وفي الانتخابات الرئاسية للعام 2014، أحجم التيار الديمقراطي عن تبنّي ترشيح السيسي للرئاسة لصالح صباحي.105

مع تسنّم السيسي سدة الرئاسة وحملة القمع واسعة النطاق التي شنّتها أجهزة الأمن ضد الإسلاميين والناشطين العلمانيين والمجموعات المؤيدة للديمقراطية على حدٍّ سواء، بدأ التيار الديمقراطي ينادي علناً بإيجاد بديل للسيسي. وقد عُقدت مؤتمرات صحافية عدة وصدرت بيانات ندّدت بالمضايقات والملاحقات التي يتعرض إليها الطلاب والناشطون الشباب المعارضون للسيسي، وأعربت عن التضامن مع الروابط المهنية، مثل نقابة الأطباء ونقابة الصحافيين اللتين بذلتا قصارى جهدهما لمنع أجهزة الأمن من التدخّل في شؤونهما الداخلية.106 كذلك، ساند التيار الديمقراطي الحراك العمالي المُستقل ودعم مطالب ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بإخضاع أجهزة الأمن إلى المحاسبة والمساءلة، وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب.107 كما أن قادة التحالف، ومن ضمنهم صباحي، انتقدوا السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تنتهجها الحكومة، ودافعوا عن المنظمات غير الحكومية التي تواجه ضغوطاً أمنية متنامية.108

سعى التيار الديمقراطي في مجلس النواب إلى تعبئة نواب كلٍّ من حزب التحالف الشعبي والحزب الديمقراطي الاجتماعي وبعض النواب المستقلّين لتنظيم جبهة معارِضة داخل البرلمان.109 وفي العام 2016، تعالت أصوات أقطاب المعارضة في البرلمان، الخاضع عموماً، حين مُرّر قانون المنظات غير الحكومية التعسّفي؛ وحين أُقصي النائب السابق أنور السادات من البرلمان العام 2017 بسبب انتقاده الرقيق لسياسات الحكومة، ما كان كافياً لتعبئة غالبية النواب ضده.110

من جهة أخرى، صعّدت أحزاب مثل مصر القوية والعيش والحرية، التي لم تؤيد انقلاب العام 2013 ولا تطلعات الرئيس السيسي، معارضتها، وباتت تدعم الآن الرفض الكامل لسيطرة الجيش على السياسة، كما طالبت علناً بأن يتحمّل السيسي مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان.111 حاول الحزبان التعاون مع الناشطين الشباب، ومجموعات الطلبة، والرابطات المهنية، والحركة العمالية من أجل إنقاذ جزء من حرية التعبير وتكوين الجمعيات.112 أعطى حزبا مصر القوية والعيش والحرية الأولوية للنشاط في المجالات السياسية غير الرسمية، بعد مقاطعتهما الانتخابات الرئاسية في العام 2014 والبرلمانية في العام 2015 بسبب طبيعتها غير الديمقراطية. وقد نسج حزب مصر القوية صلات وثيقة مع مجموعات طلابية معارضة في جامعات حكومية، وعمل على القفز فوق الإيديولوجيات لجمع الطلاب العلمانيين والإسلاميين المؤيدين للديمقراطية. من جهته، رعا حزب العيش والحرية بشكل منتظم مبادرات الناشطين الشباب للدفاع عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال، استندت مبادرة "الحرية للجدعان"، التي أُطلقت في العام 2013 ومارست منذ ذلك الحين ضغوطاً من أجل الإفراج عن المعتقلين والسجناء السياسيين، أساساً إلى أعضاء بارزين في حزب العيش والحرية.113 كما قام الحزب - الذي لم يُرخص له إلى الآن - بتشكيل فرق قانونية من أجل الدفاع عن المعتقلين من الناشطين الشباب، والطلاب، والناشطين من العمال.114

مع ذلك، لم يكن للمعارضة المتنامية، المؤلفة من هذه الأحزاب العلمانية الصغيرة ذات التمويل الضعيف، من دور فعّال في تغيير ترتيبات السلطة السلطوية بعد العام 2013. والواقع أن الحكومة لم تكن متسامحة إزاء دور العلمانيين المعارضين إلاّ حين كان يقتصر على عقد مؤتمرات صحافية وإصدار بيانات صحافية. في المقابل، جوبهت محاولات الوصول إلى قواعد شعبية مهمة (مثل الروابط المهنية، وجماعات العمل المستقلة، ومجموعات الطلاب، والمنظمات غير الحكومية) بضغوط أمنية وتدابير قمعية، بما فيها اعتقال أعضاء الأحزاب والتشهير العلني بقادتها.115

دور الأحزاب العلمانية في انفتاح سياسي مستقبلي

منذ العام 2013، لم تؤثّر خيارات الأحزاب العلمانية، سواء لدعم أو معارضة الحكومة السلطوية الجديدة، على السياسات الرسمية. فقد مورست انتهاكات لحقوق الإنسان، مثل عمليات القتل الجماعي لمؤيدي جماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من وجود تمثيل علماني قوي في مختلف المناصب التنفيذية.116 كما لم تُفلح معارضة التيار الديمقراطي وغيره من الأحزاب الداعمة له لانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة، كاحتجاز آلاف الشباب المصريين لأسباب سياسية، في ردع الحكومة عن ارتكابها. بعبارة أخرى، لم تتمكن خطوات الأحزاب العلمانية، سواء في دعم السلطوية الجديدة أو معارضتها، من إحداث تغيير ملموس في السياسات التي نُفذّت بعد انقلاب العام 2013، أو في ترتيب السلطة الذي برز لإخضاع المواطنين والمجتمع إلى سيطرة المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية،117 إذ لم تكن الأحزاب العلمانية تتمتع بتأثير كبير.

بيد أن ما أنجزته المواقف المضطربة التي اعتمدتها العديد من الأحزاب العلمانية منذ العام 2011، تمثّل بإقناع المصريين أكثر من أي وقت مضى بغدر العلمانيين. فقد حاولت هذه الأحزاب ركوب مطيّة الإسلاميين أو تحييدهم، والتصفيق للانقلاب مُتبنية الاعتقاد المخطئ بأن الجيش سيمنح العلمانيين الحرية السياسية بعد استئصال جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن تجاهل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان طالما أنها تُنثر على رؤوس خصومها السياسيين. هذا سيكون إرثاً من الصعب تذليله. على الرغم من ذلك، يستأهل الأمر النظر في مدى حضور فرص لبعض الأحزاب العلمانية القائمة اليوم لتنقذ نفسها وتفوز بأصوات مستقبلاً إذا برز انفتاح سياسي آخر. مَنْ مِنْ الأحزاب العلمانية ستتاح لها فرصة التنافس بحرية لتولي المناصب الرسمية؟ مَنْ منها قد ينجح في بناء أو على الأقل الاحتفاظ بما كسبه في الماضي؟ الإجابة على كل هذه الأسئلة، الأقرب إلى التكهنات، تتطلّب دراسة مروحة أصغر: أولاً، ما الأحزاب التي بدت نزيهة، بين العاميْن 2011 و2017، بما يكفي لدرجة تستحق احترام الناخبين في المستقبل؟ ثانياً، ما الأحزاب التي تروّج أفكاراً تجذب القواعد الانتخابية الواسعة في البلاد؟ ثالثاً، ما الأحزاب التي أبدت قدرات تنظيمية ومالية لترجمة أفكارها إلى أصوات؟

في ما يتعلق بالنزاهة، وكما ذكرنا سابقاً، وحدها حفنة من الأحزاب التي قاطعت الانتخابات البرلمانية في العام 2015 (الدستور، مصر القوية، العيش والحرية، العدل، ومصر الحرية) تمكّنت من المحافظة على موقفها الرافض الثابت والمبدئي للسلطوية الجديدة، الأمر الذي من شأنه أن يعود عليها بالفائدة إلى حدّ كبير إذا ما تمّت الإطاحة بالسلطوية في مرحلة ما. ثمّ: من الصحيح أيضاً أن الناخبين المصريين قد يكونون أقل انتقاداً من مؤلفي هذه الدراسة في ما يتعلق بالتسويات التي أبرمتها الأحزاب العلمانية تحت الضغط. فعلى سبيل المثال، اتّخذ حزب الوفد، خلال عهد مبارك، عدداً من الخطوات التي بدت انتهازية ومتناقضة مع الإيديولوجية العلمانية للحزب (على سبيل المثال، التحالف في الانتخابات مع مرشحي الإخوان المستقلين)، إلا أنه فاز بعدد لابأس به من المقاعد في الانتخابات الأولى بعد عهد مبارك، ربما بسبب الاعتراف بإرثه التاريخي وقدرته التنظيمية.

أما في ما يتّصل بالجذب الإيديولوجي للقواعد الشعبية العريضة، فإن شرائح الجمهور المصري التي صوّتت للأحزاب العلمانية تشمل رجال الأعمال من الطبقة المتوسطة، والعمال الصناعيين، والمسيحيين الأقباط، والنخب الحضرية، وطلاب الجامعات، وغيرهم من الشباب. وإذا نظرنا إلى الأحزاب الحالية، نرى أن تلك التي جذبت رجال الأعمال تشمل حزبيْ الوفد والمصريين الأحرار، وكلاهما يدعوان إلى اقتصاد السوق الحر. أما الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي والكرامة، فقد جذبا من خلال تبنيهما السياسات الليبرالية والاقتصاديات ذات الميول اليسارية، العمال وبعض النخب الحضرية أيضاً. من جهتها، جذبت أحزاب الدستور، ومصر القوية، والعيش والحرية مختلف شرائح الناخبين الشباب في البلاد (الليبرالية، والشرائح ذات الميول الإسلامية، واليسارية)، ومن بينها الطلاب. أما الشرائح الأخرى من الناخبين المصريين، ولاسيما في المناطق الريفية والمناطق الحضرية التي تضمّ المنتمين إلى الطبقة الدنيا-الوسطى، فهي أكثر تحفظاً اجتماعياً من معظم الأحزاب العلمانية، ومن المرجّح أن تواصل الميل إلى الأحزاب المؤيدة للدولة أو الأحزاب الإسلامية.

تثير هوية من يملك القدرة على تعبئة القواعد الانتخابية المتاحة مسألة القدرات التنظيمية والمالية. ومن بين الأحزاب العلمانية التي تطرقنا إليها هنا، يملك حزب الوفد الهيكل التنظيمي الأعمق، كما أنه صاحب التمويل الأفضل. كان حزب المصريين الأحرار يملك وفرة مالية حين كان ساويرس يرأسه، لكن من المستبعد أن يحظى هذا الحزب بتمويل مماثل إذا ما بقي ساويرس خارجه. يشار هنا إلى أن أياً من الأحزاب الأخرى لاتملك تمويلاً كافياً لإحداث تغيير ما، بيد أن البعض أظهر قدرة تنظيمية كان يمكن أن تؤتي أُكلها لولا تدخّل الدولة الخبيث والمستمر. بذل كل من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، والدستور، ومصر القوية جهوداً حثيثة لبناء تشكيلات حزبية، لكنها أُثبطت من قبل أجهزة أمن الدولة. والجدير ذكره هنا أن جميع الأحزاب تقريباً التي لاتزال تحتفظ ببعض القوة، كانت تشكّلت خلال فترات الحرية السياسية النسبية: إما قبل العام 1952 أو بين العاميْن 2011 و2013.

خاتمة

تعمل الأحزاب السياسية العلمانية في مصر وسط بيئة سياسية صعبة، وتسبّبت في كثير من الحالات بتدهور وضعها إلى الأسوأ من خلال محاولاتها اليائسة للصمود وتحسين مكانتها. كانت رغبتها في النجاح في التمتُّع بسلطة سياسية، من دون الحاجة إلى التنافس في الانتخابات مع الإسلاميين الذين قمعتهم الدولة منذ العام 2013، غير واقعية وجعلتها متواطئة في إغلاق حيز الانفتاح الديمقراطي. بيد أن استبعاد الإسلاميين، الذين يُعتبرون جزءاً كبيراً من الطيف السياسي في مصر، فتح الباب على مصراعيه أمام السلطوية المتجدّدة، وأدّى بشكل خاص إلى قمع العلمانيين كذلك.

فازت الأحزاب العلمانية بربع المقاعد في أول انتخابات برلمانية جرت في مرحلة ما بعد مبارك، وهي الانتخابات التي تفوّق فيها الإسلاميون بشكل كبير بعد استبعادهم المديد من السلطة. قد تزداد حصة العلمانيين في انتخابات حرة مقبلة إذا ماتعلّموا من أخطائهم وحسّنوا قدراتهم التنظيمية. أما السؤال الذي يبقى مطروحاً هنا فهو ما إذا كانوا سيُمنحون فرصة، أم إذا ما كانت مصر ستختبر تعزيزاً للسلطوية الراهنة أو انفتاحا تدريجيا نحو الديمقراطية يأتي ببعض مما أتاحته انتفاضة العام 2011.

هوامش

1 “Secular,” Merriam-Webster Dictionary, https://www.merriam-webster.com/dictionary/secular.

2 الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، تمّت زيارة الصفحة في 10 شباط/فبراير 2017، www.egysdp.com/الحزب

3 "البيان التأسيسي لحزب الحرية والعدالة"، حزب الحرية والعدالة، تمّت زيارة الصفحة في 10 شباط/فبراير 2017، http://fjponline.com/view.php?pid=1

4 انظر جدول الأحزاب العلمانية المصرية الناشطة بين 2011 و2017 في هذه الدراسة للحصول على معلومات حول هوية من فاز بالمقاعد في الدورتيْن الأخيرتين من الانتخابات البرلمانية.

5 للاطلاع على التجارب التي خاضتها الأحزاب السياسية في مرحلة ما قبل العام 2011، انظر: Michele Dunne and Amr Hamzawy, “The Ups and Downs of Political Reform in Egypt,” in Beyond the Façade: Political Reform in the Arab World, eds. Marina Ottaway and Julia Choucair-Vizoso (Washington, DC: Carnegie Endowment for International Peace, 2007).

6 للاطلاع على ملخص قصير حول القضية، انظر: “EOHR Condemns Committee’s Decision Against Egypt’s Labor Party and Its Newspaper,” IFEX, May 22, 2000, http://www.ifex.org/egypt/2000/05/22/eohr_condemns_committee_s_decisions/

7 "أيمن نور.. ترشح مرتين وأسس حزبين"، الجزيرة، 16 نيسان/أبريل 2012، http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2012/4/16/أيمن-نور-ترشح-مرتين-وأسس-حزبين

8 “Ghad al-Thawra,” Parties & Movements (blog), Jadaliyya, December 3, 2011, http://www.jadaliyya.com/pages/index/3364/ghad-al-thawra-party-(hizb-ghad-al-thawra).

9 تأسس حزب مصر الحرية على يد المؤلف المشارك لهذه الدراسة، عمرو حمزاوي.

10 مي شمس الدين، ""الدستور" بعد استقالة "شكر الله".. هل ينتهي الحلم؟"، مدى مصر، 19 آب/أغسطس 2015، www.madamasr.com/ar/2015/08/18/feature/سياسة/الدستور-بعد-استقالة-شكر-الله-هل-ينتهي/

11 Mai Shams El-Din and Mohamed Hamama, “Social Democratic Party’s Infighting Raises Questions on Party Life in Egypt Today,” Mada Masr, May 12, 2016, http://www.madamasr.com/en/2016/05/12/feature/politics/social-democratic-partys-infighting-raises-questions-on-party-life-in-egypt-today/.

12 Heba Afify, “Infighting Among the Free Egyptians,” Mada Masr, January 6, 2017, http://www.madamasr.com/en/2017/01/06/feature/politics/infighting-among-the-free-egyptians/.

13 مي شمس الدين، "استحواذ أبو هشيمة على ONtv.. أبعد من مجرد "صفقة""، مدى مصر، 15 أيار/مايو 2016،

14 Afify, “Infighting,” Mada Masr.

15 نيوتن، "نهاية كل حزب"، المصري اليوم، 31 كانون الأول/ديسمبر 2016، http://www.almasryalyoum.com/news/details/1065437

16 أحمد راغب، "من يحاسب المجلس العسكري: ورقة موقف"، جدليّة، 21 أيار/مايو 2011، http://www.jadaliyya.com/pages/index/1640/من-يحاسب-المجلس-العسكري_ورقة-موقف-

17 "حل الحزب الوطني الديمقراطي بمصر"، الجزيرة، 16 نيسان/أبريل 2011، http://www.aljazeera.net/news/arabic/2011/4/16/حل-الحزب-الوطني-الديمقراطي-بمصر

18 "1129 يوماً.. حزب "الحرية والعدالة" بين التأسيس والحل"، المصريون، 9 آب/أغسطس 2014، https://almesryoon.com/السياسية/532001-1129-يوما-حزب-الحرية-والعدالة-بين-التأسيس-والحل ومحمد إلهامي، "حزب النور: من المسجد إلى البرلمان"، نون بوست، 27 كانون الثاني/يناير 2015، http://www.noonpost.org/content/5159

19 محمد عبد الرحمن، "أبو الغار يروى تفاصيل تأسيس "المصري الديمقراطي" في فيلم تسجيلي"، البداية، 24 آذار/مارس 2016، http://albedaiah.com/news/2016/03/24/109574 وسماح عبد الحميد،""المصريين الأحرار".. من التأسيس حتى أزمة ساويرس"، برلماني، 21 شباط/فبراير 2017، http://www.parlmany.com/News/7/158945/المصريين-الأحرار-من-التأسيس-حتى-أزمة-ساويرس

20 "نقاش القالب:أحزاب سياسية مصرية"، Wikiwand، http://www.wikiwand.com/ar/نقاش_القالب:أحزاب_سياسية_مصرية

21 حصل كل من الحزب الوطني وحزب الحرية في مصر على خمسة مقاعد في مجلس الشعب، في حين حصد حزب المواطن المصري أربعة مقاعد. هاني رمضان، "مجلس الشعب المصري 2012.. التشكيل والمهام"، بي بي سي عربي، 23 كانون الثاني/يناير 2012، http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/01/120123_egypt_palt_hani

22 سمير بحيري، "وثيقة التحالف الديمقراطي من أجل مصر"، الوفد، 7 تموز/يوليو 2011، http://alwafd.org/الشارع-السياسي/67996-وثيقة-التحالف-الديمقراطى-من-أجل-مصر

23 "التحالف الديمقراطي من أجل مصر"، المعرفة، http://www.marefa.org/index.php/التحالف_الديمقراطي_من_أجل_مصر

24 حسام السويفي ومحمد محفوظ، "انسحاب "الوفد" يفرط عقد "التحالف الديمقراطي"، الوفد، 19 تشرين الأول/أكتوبر 2011، http://alwafd.org/مرشحو-الشعب/111213-انسحاب-«الوفد»-يفرط-عقد-«التحالف-الديمقراطي

25 "حزب الكرامة يعترف بأخطاء في التحالف مع الإخوان المسلمين"، متن وهوامش، 22 كانون الثاني/يناير 2012، https://matnwahawamesh.wordpress.com/2012/01/22/حزب-الكرامة-يعترف-بأخطاء-في-التحالف-مع/ و"حزب غد الثورة المصري"، الجزيرة، 19 نيسان/أبريل 2012، http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2012/4/19/حزب-غد-الثورة-المصري

26 "حزب الكرامة يعترف بأخطاء في التحالف مع الإخوان المسلمين"، متن وهوامش، 22 كانون الثاني/يناير 2012، https://matnwahawamesh.wordpress.com/2012/01/22/حزب-الكرامة-يعترف-بأخطاء-في-التحالف-مع/ و"حزب غد الثورة المصري"، الجزيرة، 19 نيسان/أبريل 2012، http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2012/4/19/حزب-غد-الثورة-المصري

27 "حزب النور والثورة المصرية: من "ثاني أكبر" حزب في مصر إلى رحلة البحث عن البقاء"، ساسة بوست، 9 كانون الثاني/يناير 2016، https://www.sasapost.com/nour-party/

28 "الكتلة المصرية"، السياسي، http://www.elsyasi.com/civil_detail.aspx?id=77

29 أحمد عبد ربه، "الأحزاب المصريّة وانتخابات البرلمان المصريّ 2011/2012"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، http://www.dohainstitute.org/release/e7a331ed-4f67-485b-8d72-5fde1828a653

30 ماريان ميخائيل يوسف، "تطوّر الدور السياسي للكنيسة المصرية بعد ثورة 25 يناير"، مصر العربية، 10 آب/أغسطس 2015، www.masralarabia.com/ملفات/690851-تطور-الدور-السياسي-للكنيسة-المصرية-بعد-ثورة-25-يناير

31 محمد عبد العاطي، "التكتلات الانتخابية في مصر.. المشهد بعد ثورة يناير"، مركز الجزيرة للدراسات، 17 كانون الأول/ديسمبر 2011، http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2011/12/2011121712482610615.html

32 أحمد جمال، ""امسك فلول".. مرشحو "المنحل" في الانتخابات!"، إخوان أون لاين، 11 آذار/مارس 2011، http://www.ikhwanonline.com/new/print.aspx?ArtID=94503&SecID=0

33 ضياء رشوان، "أخطاء الائتلافات القاتلة"، البيان، 26 كانون الثاني/يناير 2017، http://www.albayan.ae/opinions/articles/2017-01-26-1.2838043

34 ماجد عثمان، "قراءة متعمقة في نتائج انتخابات مجلس الشعب"، شركاء التنمية، لا تاريخ، http://www.pidegypt.org/download/انتخابات%20مجلس%20الشعب2.pdf

35 يسرى العزباوي،"محددات النجاح: خريطة التحالفات الانتخابية في ضوء الخبرة الماضوية"، المركز العربي للبحوث والدراسات، 24 حزيران/يونيو 2014، http://www.acrseg.org/7003

36 "مصر: ثلاث سنوات من الثورة"، نون بوست، 26 كانون الثاني/يناير 2014، http://www.noonpost.org/content/1647

37 عثمان، "قراءة متعمقة في نتائج انتخابات مجلس الشعب"، شركاء التنمية.

38 كريمة عبد الغني، "اللجنة العليا تعلن النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشعب بمراحلها الثلاث"، الأهرام، 21 كانون الثاني/يناير 2012، http://gate.ahram.org.eg/News/162896.aspx

39 "انتخابات برلمان "الثورة" المصري"، الجزيرة، 6 كانون الأول/ديسمبر 2015، http://mubasher.aljazeera.net/news/انتخابات-برلمان-الثورة-المصري-2

40 المصدر السابق.

41 "حزب الكرامة يعترف بأخطاء في التحالف مع الإخوان المسلمين"، متن وهوامش. تجدر الإشارة إلى أن حزب غد الثورة عجز عن الفوز بأي مقعد في مجلس الشعب في 2012؛ انظر أيضاً كريمة عبد الغني، "اللجنة العليا تعلن النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشعب بمراحلها الثلاث"، الأهرام، 21 كانون الثاني/يناير 2012، http://gate.ahram.org.eg/News/162896.aspx

42 فاز حزب الحرية والعدالة بـ235 مقعداً وحزب النور السلفي بـ121 مقعداً. العُلا، "قراءة في نتائج الانتخابات المصرية"، الجزيرة.

43 كريمان توفيق، "الوفد والإخوان رحلة طويلة من الصراعات والتحالفات"، مصرس، 25 حزيران/يونيو 2012، http://www.masress.com/elwady/21778

44 "من يأكل برلمان الثورة؟.. رئاسة مجلس الشعب و5 لجان تشعل الصراع بين الإخوان والسلفيين.. الإخوان يدفعون بـ"صبحي صالح" لرئاسة "التشريعية" وتفويت الفرصة على محمد أبو حامد من الكتلة.. وتكتل لإزاحة حمزاوي"، اليوم السابع، 26 كانون الأول/ديسمبر 2011، http://www.youm7.com/story/2011/12/26/من-يأكل-برلمان-الثورة-رئاسة-مجلس-الشعب-و5-لجان-تشعل/563405

45 أحمد عادل، "بالفيديو: استفتاء 19 مارس.. عندما قالت الصناديق "نعم""، الشروق، 19 آذار/مارس 2014، http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=19032014&id=42379c7e-c1c1-4889-9008-5050b8f33b33

46 ""في ذكري استفتاء تعديل الدستور 19 مارس 2011".. شكل لجنة صياغته المجلس العسكري بالتحالف مع الإخوان.. أيده الحزب "الوطني" .. رفضته قوى الثورة والأحزاب المدنية.. والسلفيون رفعوا شعار "غزوة الصناديق""، صوت الأمة، 19 آذار/مارس 2016، www.soutalomma.com/Article/159967/«في-ذكري-استفتاء-تعديل-الدستور-19-مارس-2011»-شكل-لجنة

47 "النتيجة: نعم بنسبة 77.3%"، استفتاء 2011، https://referendum2011.elections.eg/84-slideshow/155-result.html

48 عبدالغني دياب وعمرو عبدالله، "6 أعوام على استفتاء مارس"، مصر العربية، 19 آذار/مارس 2017، www.masralarabia.com/الحياة-السياسية/1386846-في--الذكري-السادسة-لاستفتاء-19-مارس--غزوة-الصناديق-يوم-هُزمت-الثورة

49 عصام الأمين، "الاحتيال الكبير: تسويق الانقلاب العسكري في مصر"، نون بوست، 25 تموز/يوليو 2013، http://www.noonpost.org/content/92

50 محمد الديب، "الإخوة الأعداء: الإخوان والدعوة السلفية"، مصر العربية، 4 آب/أغسطس 2015، http://www.masralarabia.com/اضاءات/تحليلات/684071-الأخوة-الأعداء-1-الاخوان-والدعوة-السلفية-تحت-حكم-المجلس-العسكرى

51 "البرلمان المصري... تاريخ من الحل"، أصوات مصرية، 9 كانون الثاني/يناير 2015، http://www.aswatmasriya.com/news/details/18865

52 أحمد تهامي، "الدستور والصراع الاجتماعي السياسي بعد الثورة في مصر"، جدلية، 5 كانون الأول/ديسمبر 2012، http://www.jadaliyya.com/pages/index/8794/الدستور-والصراع-الاجتماعي-السياسي-بعد-الثورة-في-مص قُبيل النزاعات التي نشبت حول الانتخابات البرلمانية وتشكيل الجمعية التأسيسية في أعقاب ذلك، اشتعل التوتّر في العام 2011 حول قرار المؤسسة العسكرية القاضي باعتماد وثيقة المبادئ فوق الدستورية التي تمنح السيادة فقط للجنرالات في السياسة المصرية. وفيما اعترض الإسلاميون على هذه المبادئ، أيّدتها معظم الأحزاب العلمانية. "وثيقة المبادىء فوق الدستورية ونصها"، المعرفة، www.marefa.org/index.php/وثيقة_المبادىء_فوق_الدستورية_ونصها و"مصر: خلاف بين القوى السياسية و"العسكري" حول المبادئ فوق الدستورية"، سي أن أن، 6 كانون الول/ديسمبر 2011، http://archive.arabic.cnn.com/2011/egypt.2011/11/6/egypt.differences_pol/

53 وحيد عبدالمجيد، "القصة الكاملة لمعركة الجمعية التأسيسية"، الشروق نيوز، 20 حزيران/يونيو 2012، http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=20062012&id=3a6452e6-5c5f-4856-8300-ff8241b63569

54 من ضمنهم عمرو حمزاوي، أحد مؤلّفَي هذه الدراسة.

55 عبدالمجيد، "القصة الكاملة لمعركة الجمعية التأسيسية"، الشروق نيوز، http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=20062012&id=3a6452e6-5c5f-4856-8300-ff8241b63569

56 " إعلان أسماء أعضاء الجمعية التأسيسية التي ستعنى بكتابة دستور مصر الجديد"، فرانس 24، 13 حزيران/يونيو 2012، www.france24.com/ar/20120613-إعلان-أسماء-أعضاء-الجمعية-التأسيسية-كتابة-دستور-مصر-الجديد-الإسلاميون-السلفيون

57 "دور الجيوش العربية في الحياة السياسية.. مصرَ أنموذجاً"، المجلة، 5 أيلول/سبتمبر 2013، http://arb.majalla.com/2013/09/article55247626/دور-الجيوش-العربية-في-الحياة-السياسية

58 مؤمن بسيسو، "الإخوان والرئاسة المصرية.. ضرورة أم مغامرة؟!"، الجزيرة، 21 نيسان/أبريل 2012، www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2012/4/21/الإخوان-والرئاسة-المصرية-ضرورة-أم-مغامرة-

59 "نص الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري "، الأهرام، http://www.ahram.org.eg/archive/Al-Mashhad-Al-Syiassy/News/155958.aspx و"مرسي يلغي الإعلان الدستوري المكمل ويحيل المشير طنطاوي ورئيس الأركان إلى التقاعد"، فرانس 24، 13 آب/أغسطس 2012، www.france24.com/ar/20120812-مصر-المشير-طنطاوي-التقاعد-مرسي-الإعلان-الدستوري-المكمل-سامي-عنان-السيسي-الإخوان-المسلمين

60 ابراهيم قاسم ومحمود عثمان، "ننشر أسباب استبعاد "اللجنة العليا للانتخابات" نور وسليمان والشاطر من سباق الرئاسة"، اليوم السابع، 15 نيسان/أبريل 2012، http://www.youm7.com/story/2012/4/15/ننشر-أسباب-استبعاد-اللجنة-العليا-للانتخابات-نور-وسليمان-والشاطر-من/653930

61 "المشير طنطاوي يعلن رسميا حل مجلس الشعب ويؤكد أنه "غير قائم بقوة القانون""، فرانس 24، 16 حزيران/يونيو 2012، http://www.france24.com/ar/20120616-مصر-المجلس-الأعلى-القوات-المسلحة-المشير-طنطاوي-حل-البرلمان

62 "مليونية بمصر لرفض الإعلان الدستوري"، الجزيرة، 13 تموز/يوليو 2012، http://www.aljazeera.net/news/arabic/2012/7/13/مليونية-بمصر-لرفض-الإعلان-الدستوري

63 "حزب "الوفد" يرشِّح عمرو موسى رسمياً لخوض انتخابات الرئاسة المصرية"، الجريدة، 4 نيسان/أبريل 2012، http://www.aljarida.com/ext/articles/print/1462137241816669100/

64 "حمدين صباحي يطعن في نتائج الإنتخابات الرئاسية المصرية"، بي بي سي، 27 أيار/مايو 2012، http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/05/120527_sabahi_egyelex.shtml

65 "سير موجزة للمرشحين المؤهلين لخوض سباق الرئاسة المصرية"، بي بي سي، 26 نيسان/أبريل 2012، http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/04/120426_egypt_candidates_profiles.shtml محمد جمعة جبالي، "مرشحون لرئاسة مصر"، سكاي نيوز العربية، 21 أيار/مايو 2012، www.skynewsarabia.com/web/article/21985/مرشحون-لرئاسة-مصر?_escaped_good_fragment_=

66 هاني عزت، "المصريين الأحرار ينفي دعم شفيق"، الأهرام، 29 أيار/مايو 2012، http://www.ahram.org.eg/archive/The-First/News/152003.aspx ومحمد فرج، "بعد 30 يونيو..تحولات وتحالفات النخبة الجديدة في مصر"، العربية، 26 آب/أغسطس 2014، www.studies.alarabiya.net/ideas-discussions/بعد-30-يونيوتحولات-وتحالفات-النخبة-الجديدة-في-مصر

67 "انتخابات الرئاسة المصرية 2012: تسلسل زمني"، بي بي سي، 27 نيسان/أبريل 2012، http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/04/120427_egypt_election_time_line.shtml و"الانتخابات الرئاسيّة المصريّة 2012"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 24 تموز/يوليو 2012، http://www.dohainstitute.org/release/b8576869-81e1-40dd-bac9-fbc563933e68

68 طلال أسد وعايشة كوبكجو، "لا أبطال ولا أشرار: حوار مع طلال أسد عن مصر بعد مرسي"، جدلية، 31 تموز/يوليو 2013، http://www.jadaliyya.com/pages/index/13308/لا-أبطال-ولا-أشرار_حوار-مع-طلال-أسد-عن-مصر-بعد-مرس

69 "مرسي يقرر إلغاء الإعلان الدستوري المكمل ويحيل طنطاوي وعنان للتقاعد"، اليوم السابع، 12 آب/أغسطس 2012، www.youm7.com/story/2012/8/12/مرسى-يقرر-إلغاء-الإعلان-الدستورى-المكمل-ويحيل-طنطاوى-وعنان-للتقاعد/755818

70 محمد عبده حسنين، "المحكمة الدستورية تجهض مناورة الإخوان لـ"أداء اليمين" وترفض حضور نواب البرلمان"، الشرق الأوسط، 29 حزيران/يونيو 2012، www.archive.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=12267&article=684123#.WONP5fmGOM8

71 أحمد فؤاد، "بالتواريخ: رحلة السيسي من "رجل الإخوان" في 2012 حتى "عدو الجماعة" في 2013"، الشروق نيوز، 31 كانون الأول/ديسمبر 2015، http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=31122013&id=d81fbb74-3922-40d6-85ed-2ccf33343544

72 "مصر: إعلان دستوري مفاجئ يحصن تأسيسية الدستور ويعيد محاكمة مسؤولي نظام مبارك"، بي بي سي، 22 تشرين الثاني/نوفمر 2012، http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/11/121122_egypt_morsi.shtml و"الإعلان الدستوري للرئيس محمد مرسي"، الجزيرة، 7 كانون الأول/ديسمبر 2012، www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2012/12/7/الإعلان-الدستوري-للرئيس-محمد-مرسي

73 محمود رمزي، ""جبهة الإنقاذ" في ذكرى تأسيسها: إعلان مرسي الدستوري تسبب في قيام "أشرف معارضة""، المصري اليوم، 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، http://www.almasryalyoum.com/news/details/344755 وأحمد بهنس، ""جبهة الإنقاذ" عامان على التأسيس.. "مرسي" وحد القوى السياسية وفرق الشعب.. "البرادعي" و"البدوي" و"موسى" أبرز القيادات.. "صباحي" و"البرلمان" جمدا عملها بشكل دائم"، بوابة فيتو، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، http://www.vetogate.com/1339504

74 محمد السوداني، "محسوب يكشف كواليس جديدة عن إعلان مرسي الدستوري"، مصر العربية، 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، www.masralarabia.com/سوشيال-ميديا/816447-محمد-محسوب-يكشف-كواليس-جديدة-عن-إعلان-مرسي-الدستوري

75 "مرسي يلغي الإعلان الدستوري ويبقي على الاستفتاء"، سي أن أن، 7 كانون الثاني/يناير 2013، http://archive.arabic.cnn.com/2012/middle_east/12/9/Egypt-Protests/

76 "مصر: جبهة الإنقاذ الوطني ترفض دعوة مرسي للحوار"، مقطع فيديو على يوتيوب، 0:39، نُشر بواسطة قناة "آراء"، 29 كانون الثاني/يناير 2013، https://www.youtube.com/watch?v=QiVNPPHedZ0

77 أحمد الهواري وعمر عبدالجواد ووفاء وصفي، ""جبهة الإنقاذ" تحشد "مليونية" اليوم والرئاسة ترد بمبادرة للحوار الوطني" الرأي ميديا، 4 كانون الأول/ديسمبر 2017، http://www.alraimedia.com/ar/article/foreigns/2012/12/04/374291/nr/nc ومحمد سعد، "نظرات في شخصية حازم صلاح أبو إسماعيل"، ساسة بوست، 28 شباط/فبراير 2016، https://www.sasapost.com/opinion/hazem-personality/ و"حازم صلاح أبو اسماعيل: هؤلاء هم سبب الحرائق والعنف"، موقع gololy، 8 كانون الثاني/يناير 2013، http://gololy.com/2013/01/08/67423/حازم-صلاح-أبو-إسماعيل-هؤلاء-هم-سبب-الحر.html

78 "مرسي والإعلام.. اتهامات متبادلة"، الجزيرة، 30 حزيران/يونيو 2013، http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2013/6/30/مرسي-والإعلام-اتهامات-متبادلة

79 "أزمة دستور 2012.. أخطر أسرار الجمعية التأسيسية يرويها الدكتور وحيد عبد المجيد.. التخبط الذى حدث منذ إعلان تعطيل العمل بدستور 1971 وتشكيل لجنة لتعديل بضع مواد يوم 13 فبراير 2011 حال دون تحقق الحلم"، اليوم السابع، 11 حزيران/يونيو 2013، http://www.youm7.com/story/2013/6/11/أزمة-دستور-2012-أخطر-أسرار-الجمعية-التأسيسية-يرويها-الدكتور-وحيد/1108870

80 ما أصبح لاحقاً المادة 219 من دستور 2012؛ "مواد الهوية بين دستوري 2012 و2013 بمصر"، الجزيرة، 12 كانون الثاني/يناير 2014، www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2014/1/12/مواد-الهوية-بين-دستوري-2012-و2013-بمصر

81 محمود جاويش، "انسحاب 25 عضوًا بـ"التيار المدني" من الجمعية التأسيسية"، المصري اليوم، 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، http://www.almasryalyoum.com/news/details/244931 و"محطات هامة في مشوار التأسيسية"، شبكة رصد، 3 كانون الأول/ديسمبر 2012، http://rassd.com/50544.htm

82 "مصر: جبهة الإنقاذ الوطني ترفض الاستفتاء على الدستور"، بي بي سي، 9 كانون الأول/ديسمبر 2012، http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/12/121208_egypt_decree_canceled.shtml

83 "جبهة الإنقاذ تدعو المصريين للتصويت بـ "لا" على الدستور"، العربية، 12 كانون الأول/ديسمبر 2014، http://www.alarabiya.net/articles/2012/12/12/254693.html

84 أحمد أبو الفتح وباهي حسن وهشام الغنيمي، "بالفيديو.. "العليا للانتخابات": 63.8% وافقوا على الدستور و36.2% قالوا "لا""، المصري السوم، 25 كانون الأول/ديسمبر 2012، http://www.almasryalyoum.com/news/details/267369

85 "جبهة الإنقاذ المصرية ترفض دعوة مرسي للحوار"، بي بي سي، 28 كانون الثاني/يناير 2013، http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2013/01/130127_egypt_opposition.shtml

86 محمد حسن شعبان، "أحداث 2013.. عام سقوط الإخوان في مصر"، الشرق الأوسط، 29 كانون الأول/ديسمبر 2013، http://aawsat.com/home/article/15144

87 حسن عاشور وآخرون، "أسرار اختيار "السيسي" وزيرًا للدفاع وعزله لـ "مرسي""، المصريون، 16 آب/أغسطس 2016، https://almesryoon.com/story/913918/أسرار-اختيار-السيسي-وزيرا-للدفاع-وعزله-لـ-مرسي و"كواليس ما حدث قبل بيان 3 يوليو.. المنقلبون يتحدثون"، عربي 21، 3 تموز/يوليو 2016، https://arabi21.com/story/918894/كواليس-ما-حدث-قبل-بيان-3-يوليو-المنقلبون-يتحدثون

88 مصطفى عبد العزيز، "ثورة 30 يونيو.. من البداية إلى النهاية"، دوت مصر، 30 حزيران/يونيو 2015، http://www.dotmsr.com/details/ثورة-30-يونيو-من-البداية-إلى-النهاية

89 أحمد عرفة، "نص البيان التاريخي في 3 يوليو.. تحرير مصر من قبضة الإخوان.. السيسي وكبار رموز الدولة يلقون خطاب تعديل مسار الوطن.. القوى الوطنية تلتف حول أهداف موحدة لخارطة مستقبل.. والشعب يحتفل بالبيان فى الشوارع"، اليوم السابع، 3 تموز/يوليو 2015، http://www.youm7.com/story/2015/7/3/نص-البيان-التاريخى-فى-3-يوليو-تحرير-مصر-من-قبضة/2250882 و""بيان السيسي" وقرار عزل "مرسي" وإعلان خارطة الطريق- 3 يوليو، 2013"، مقطع فيديو على يوتيوب، نُشر بواسطة laren solome، 3 تموز/يوليو 2013، https://www.youtube.com/watch?v=Zf17ORjlAF0

90 "عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري يطلب من الشعب النزول للشوارع لتفويضه بالتعامل مع العنف"، مقطع فيديو على يوتيوب، نُشر بواسطة show noow، 24 تموز/يوليو 2013، https://www.youtube.com/watch?v=5Syj174N34A و"السيسي يدعو الشعب للتظاهر وتفويض الجيش لمواجهة العنف"، العربية، 24 تموز/يوليو 2013، http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/egypt/2013/07/24/السيسي-نصحت-التيار-الديني-بعدم-تقديم-مرشح-للرئاسة.html

91 "حسب الخطة: مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر"، هيومن رايتس ووتش، 12 آب/أغسطس 2014، https://www.hrw.org/report/2014/08/12/all-according-plan/raba-massacre-and-mass-killings-protesters-egypt

92 "دليل الأحزاب السياسية المصرية"، بوابة معلومات مصر، http://www.eip.gov.eg/Directories/Directory.aspx?id=56 وحازم منير، "الخارطة الحزبية والسياسية في مصر بعد 30 يونيو"، العربية، 29 أيلول/سبتمبر 2013، http://studies.alarabiya.net/hot-issues/الخارطة-الحزبية-والسياسية-في-مصر-بعد-30-يونيو

93 أمين صالح، "مستقبل وطن: إنجازات السيسي واضحة.. ولا ينكرها إلا أصحاب النفوس المريضة"،ا ليوم السابع، 28 كانون الأول/ديسمبر 2016، http://www.youm7.com/story/2016/12/28/مستقبل-وطن-إنجازات-السيسي-واضحة-ولا-ينكرها-إلا-أصحاب-النفوس/3030842

94 ""العليا للانتخابات": 28.3% نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية"، أصوات مصرية، 4 كانون الأول/ديسمبر 2015، http://www.aswatmasriya.com/news/details/24175

95 للمزيد من المعلومات حول الحزب الوطني الديمقراطي والجيش والأحزاب الموالية للحكومة، انظر ميشيل دنّ، "وطنيو مصر يُهيمنون في ساحة تفتقر إلى السياسة"، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 15 نيسان/أبريل 2015، http://carnegie-mec.org/2015/04/15/ar-pub-59834

96 سامي سعيد، ""المصري الديمقراطي" تتخطفه الصراعات بعد انتخاب زهران"، البديل، 7 نيسان/أبريل 2016، elbadil.com/2016/04/المصري-الديمقراطي-تتخطفه-الصراعات/

97 اللجنة العليا للانتخابات، "ملخص تقرير الانتخابات التشريعية (مجلس النواب 2015)"، اللجنة العليا للانتخابات، https://www.elections.eg/images/pdfs/reports/2015HoR-ReportSummary_Ar.pdf

98 رامي سعيد وأحمد عبد الرحمن، "ائتلاف دعم الدولة المصرية يحتفل بـ"الأغلبية" قبل انعقاد مجلس النواب.. "فى حب مصر" تضم 400 نائب.. سيف اليزل يلتقي البدوى للاتفاق على ضم الوفد.. و"المصريين الأحرار": ليس لدينا موقف مسبق"، اليوم السابع، 6 كانون الأول/ديسمبر 2015، www.youm7.com/story/2015/12/6/ائتلاف-دعم-الدولة-المصرية-يحتفل-بـ-الأغلبية-قبل-انعقاد-مجلس/2477670

99 "تقرير عن أداء البرلمان المصري – الفترة من 11 مايو حتي 10 يونية"، ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، 18 حزيران/يونيو 2016، http://www.maatpeace.org/2016/06/تقرير-عن-أداء-البرلمان-المصري-الفترة-م/

100 محمد عمارة، ""الوطن" تنفرد بنشر مشروع وثيقة تأسيس تحالف التيار الديمقراطي"، الوطن نيوز، 22 تموز/يوليو 2014، http://www.elwatannews.com/news/details/525554 ومحمد نصار، "بعد رفض الاندماج.. هل تفشل أحزاب التيار الديمقراطي في التنسيق بالمحليات؟"، مصر العربية، 17 تموز/يوليو 2016، www.masralarabia.com/الحياة-السياسية/1159927-هل-تفشل-أحزاب-التيار-الديمقراطي-في-التنسيق-بـ-المحليات؟

101 التيار الشعبي المصري، فايسبوك، 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، https://www.facebook.com/TayarSha3by/photos/a.398028120233749.78301.397975316905696/592296440806915/?type=3&theater

102 أحمد الخطيب، "القضاء العسكري يتمدد في مصر وينكمش في العالم"، ساسة بوست، تشرين الأول/أكتوبر 2014، http://www.sasapost.com/courts-martial-expansion/

103 عبد الرحمن صلاح، ""التيار الشعبي" يدعو القوى الثورية للتوحد لإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين"، مصرس، 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، http://www.masress.com/elfagr/1469008

104 "طلاب حزب الدستور يطالبون الداخلية بوقف الاعتقالات فى الجامعات"، الديوان، 17 تشرين الأول/أكتوبر 2014، https://www.aldiwan.org/225481.html "الدستور يدين حملة الاعتقالات الأمنية: هجمة عنيفة على الشباب"، راصد، https://www.rasid.co/Egypt/article-56364.html

105 "فرص وتحديات فوز حمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية"، البديل، 23 شباط/فبراير 2014، www.elbadil.com/2014/02/فرص-وتحديات-فوز-حمدين-صباحي-في-الانتخا/

106 سمر سلامة، "7 أحزاب تطالب "السيسي" بالعفو الرئاسي عن المعتقلين وتعديل قانون التظاهر.. وإدانة العنف الذي تمارسه الشرطة ضد المواطنين أسوة بجماعات الإرهاب.. والتفرقة بين المتظاهر السلمي وغير السلمي"، اليوم السابع، 21 حزيران/يونيو 2014، http://www.youm7.com/story/0000/0/0/-/1737028

107 خالد الشامي وعلاء سرحان، "أحزاب تدين "الداخلية": لم تستوعب الدرس"، المصري اليوم، 25 كانون الثاني/يناير 2015، http://www.almasryalyoum.com/news/details/641039 وكريم كيلاني، "حكايات من دفتر "الاختفاء القسري""، الوطن، 11 تشرين الأول/أكتوبر 2015، http://www.elwatannews.com/news/details/816481

108 التيار الشعبي المصري، فايسبوك، 17 تموز/يوليو 2016، https://www.facebook.com/TayarSha3by/photos/a.398028120233749.78301.397975316905696/1028889823814239/?type=3&theater والتيار الشعبي المصري، فايسبوك، 5 نيسان/أبريل 2016، https://www.facebook.com/TayarSha3by/photos/a.398028120233749.78301.397975316905696/972863856083503/?type=3&theater

109 عبدالغنى دياب، "صوت المعارضة المبحوح تحت القبة.. بالفيديو | ائتلاف 25/30.. "من قالوا لا في وجه من قالوا نعم""، مصر العربية، 22 تموز/يوليو 2016، www.masralarabia.com/الحياة-السياسية/1169167-بالفيديو-ائتلاف-25-30-من-قالوا-لا-في-وجه-من-قالوا-نعم

110 خالد حسن، "رئيس ائتلاف دعم مصر: نرفض اتهامنا بالسيطرة على البرلمان وتمرير قوانين الحكومة"، المونيتور، 24 أيار/مايو 2016، http://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/05/support-egypt-coalition-parliament-interview-sisi-terrorism.html#ixzz4co8PLEGr"

111 "مطالب بالقبض على "أبو الفتوح" وحل حزب "مصر القوية"، عربي 21، 14 شباط/فبراير 2015، https://arabi21.com/story/809586/مطالب-بالقبض-على-أبو-الفتوح-وحل-حزب-مصر-القوية

112 هبة عبدالستار، "المستقيلون من التحالف الشعبي يعلنون تأسيس حزب "العيش والحرية" للحفاظ على روح الثورة"، الأهرام، 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، http://gate.ahram.org.eg/News/422615.aspx

113 المصدر السابق.

114 "اليوم.. مؤتمر لـ "الدفاع عن الحريات" للمطالبة بالإفراج عن سجناء الأرض"، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، 3 تموز/يوليو 2016، http://anhri.net/?p=168605

115 أحمد البرديني، "4 شهادات عن اختراق الأمن للأحزاب المصرية"، رصيف 22، 22 كانون الثاني/يناير 2017، www.raseef22.com/politics/2017/01/22/4-شهادات-عن-اختراق-الأمن-للأحزاب-المصري/

116 هند مختار، ""اليوم السابع" ينشر القائمة الكاملة لتشكيل حكومة الثورة برئاسة "حازم الببلاوي".. السيسي وعيسى وبهاء الدين نواب لرئيس الوزراء.. واستحداث وزارة للعدالة الانتقالية.. و3 وزيرات للبيئة والإعلام والصحة"، اليوم السابع، 16 تموز/يوليو 2013، www.youm7.com/story/2013/7/16/اليوم-السابع-ينشر-القائمة-الكاملة-لتشكيل-حكومة-الثورة-برئاسة-حازم/1164450

117 حزب الدستور، فايسبوك، 3 تشرين الأول/أكتوبر 2012، https://www.facebook.com/notes/حزب-الدستور-القاهرة-aldostour-cairo/برنامج-حزب-الدستور-1/264399043681126/ و"برنامج الحزب"، حزب المصريين الأحرار، http://almasreyeenalahrrar.com/برنامج-الحزب و"البرنامج"، المصري الديمقراطي الاجتماعي، www.egysdp.com/البرنامج