ماذا حدث؟
في 15 أيلول/سبتمبر الحالي، أعلن الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح أن الانتخابات الرئاسية قد تجري في 12 كانون الأول/ ديسمبر. يُذكر أن الانتخابات الرئاسية هذه كانت قد ألغيت مرتين هذا العام، في 18 نيسان/أبريل و4 تموز/يوليو. وجاء إعلان عبد القادر بعد أقل من أسبوعين على الوعد الذي قدّمه رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني الفريق أحمد قايد صالح بأن أوان الانتخابات سيُحدد في أواسط أيلول/سبتمبر، ما أثبت مجدداً بأن قيادة الجيش هي الممسكة بزمام الأمور في البلاد، وهي تحاول الآن فرض تسوية سريعة للأزمة السياسية التي هزّت البلاد منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
ما أهمية ذلك؟
منذ أشهر عدة والجزائريون يتظاهرون ضد النخبة السياسية الجزائرية وضد النظام القائم. ويعتبر العديد منهم أن تحديد موعد جديد للانتخابات، هو محاولة من القوات المسلحة لفرض رئيس سيكون مجرد بيّدق بين يديها.
هناك عقبات كأداء أمام إجراء الانتخابات في 12 كانون الأول/ديسمبر: على سبيل المثال، من الصعوبة بمكان التكهّن بطبيعة الظروف الأمنية التي ستسود خلال ثلاثة أشهر إذا ما واصل الجزائريون التظاهر واختار الجيش المضي قدماً في إجراءاته القمعية الهادفة إلى وضع حد لحركة الاحتجاج الشعبي. والحال أن الأجهزة الأمنية تشن بالفعل حملات ضد الناشطين وشخصيات المعارضة، وتصعّد جهودها في هذا المضمار. وفي الوقت نفسه، يرفض العديد من المحافظين والقضاة تنظيم الانتخابات في مقاطعاتهم. ونتيجةً لذلك، يحتمل ألا تكون الانتخابات الرئاسية لا حرة ولا نزيهة.
يُضاف إلى ذلك أن الدستور الراهن لقي معارضة شعبية واسعة، ولاسيما أن المتظاهرين يطالبون بإعادة صياغة دسور جديد بالكامل قبل الانتخابات. أما القيادة العسكرية، فقد عمدت في المقابل إلى تبنّي إصلاحات انتخابية، صادق عليها كلٌّ من الحكومة والبرلمان لتسريع إجراء الانتخابات، على الرغم من معارضة المتظاهرين. فقد اتُّخذت إجراءات اللازمة لتخفيض عدد التوقيعات التي يتعين على كل راغب في الترشّح الحصول عليها، من 60 ألف توقيع إلى 50 ألفاً.
ما المضاعفات للمستقبل؟
ما من مؤشّر على أن المعارضة والمجتمع المدني في الجزائر سيقبلان بنتائج الانتخابات إن أُجريت. فالقيادة السياسية والعسكرية في البلاد تواجه أزمة حادة في الشرعية، وبالتالي فإن محاولة إجراء الانتخابات من دون مراعاة المطالب الشعبية لن تحل الأزمة إطلاقاً.
يبدو أن الانتخابات في الجزائر تعرقل الديمقراطية، وليس العكس، ذلك أنها لاتترافق مع عملية انتقال حقيقية. بل، جلّ ما تفعله هو محاولة "شدّ وجه" النظام الجزائري – الذي يلقى رفضاً واسعاً في صفوف الجزائريين – وإعطاؤه فرصة لتجديد نفسه. فالجزائريون اليوم لايعتبرون صندوق الاقتراع مرادفاً للديمقراطية، بل يرونه سبيلاً إلى إطالة عمر نظام سياسي لاديمقراطي. إذن، يعمد الجيش من خلال تنظيم انتخابات رئاسية إلى خنق رغبة الجزائريين في إحداث تغيير حقيقي، ما من شأنه يؤدّي إلى عواقب لاتُحمد عقباها على استقرار البلاد.
تعليقات القراء(2)
الحاكم الفعلي في الجزائر تمكن من إقناع شرائح عديدة من المجتمع بأطروحته و رؤيته للأحداث بدغدغة عواطف الجزائريين و غيرتهم الشديدة على الوطن و خوفهم من مآلات الأحداث المتسارعه على المستويين الإقليمي و الدولي..و يسعى بكل جهد لعدم حدوث تغييرات حقيقية تربك حسابات المستفيدين الكبار من الريع و عدم كشف المتستر عليه منذ الاستقلال و استمرار لعبة النظام في تجديد جلده..و ما تقلبات آرائهم منذ بدء الحراك إلا إشارة واضحة للورطة التي وضعوا أنفسهم بها.. و مع إنتشار الوعي المتزايد في أوساط الشباب و صعود الطبقة المتوسطة المثقفة زادت من عقم الأفكار التي يطرحها الحاكم كحلول لإنهاء سبعة أشهر من الحراك و رغم ذلك ستميل الكفة لمصلحة االنظام لأن غالبية الجزائريين محايدة و لا ترى أي أمل في التغيير الحقيقي و ستجرى إنتخابات كسابقاتها ليبقى النظام فاقدا للشرعية .. و بلجوئه للأساليب المعهودة بالترهيب للمعارضين و الترغيب لوقود بقائه ..يعمل جاهدا على ديمومته و يدافع بشراسة عن مصالح المنتفعين من سياسته للبلاد منذ فجر الاستقلال.
الصراع الحقيقي هو بين جناحين في السلطة هو جناح الزواف الممثل بجهاز المخابرات و جنراله التوفيق و رجال الأعمال أمراء الحرب الذي نهيوا القطاع العام و خزينة الدولة من جهة و التيار القومي من الجنرالات الشباب ، التيار القومي إستغل هذا الحراك الشعبي لتصفية حزب الزواف و كل من يقبع في سجون الحراش و القليعة ينتمون لهذا التيار الذي يلعب ورقة الشارع لتحسين شروط التفاوض ، التيار القومي إختار في المقابل التصعيد من خلال توقيف النشطاء المدنيين في رسالة أن لا مجال للتفاوض و أن الوزن الحقيقي لتيار الزواف يحدده الشارع في إنتخابات ديسمبر ، الطبيعي هو أن أي إنهيار لنظام فساد سلطوي يؤدي لسقوط حلقاته المساندة من رجال أعمال و إعلام و كبار البيروقراطيين و هذا مربط الفرس و آخر قلاع تيار الزوافي الذي يدرك أن تغيير ميزان القوى يؤدي الى فقدان حكم الإنتداب الذي وسد إليهم من طرف ديغول منذ إتفاقيات ايفيان ، إنها مرحلة تكسير العظام حيث الرابح سيؤخذ كل مفاصل الحكم في حين قطاع كبير من الشعب يغط في سبات عميق.
سياسة التعليقات
التعليقات التي تتضمن لغة غير لائقة، وحملات شخصية، أو أي مواد أخرى غير لائقة، ستحذف. فضلاً عن ذلك، المدرجات غير الموقعة أو التي تحتوي على "توقيعات" من شخص آخر غير المؤلف الحقيقي، ستحدف. وأخيرا، ستتخذ خطوات لحجب المُستخدمين الذين يخرقون أي معيار من معايير النشر وشروط الاستخدام، وسياسات الخصوصية أو أي سياسات أخرى تحكم هذا الموقع. أنت مسؤول كلياً عن مضمون تعليقك.