صنعت الحركات الإسلامية لنفسها، على مدار العقد الماضي، موقعاً كأحد أكبر الفاعلين السياسيين في الشرق الأوسط. وبالإضافة إلى الحكومات، ستحدد الحركات الإسلامية، المعتدلة والراديكالية منها، ما سيكون عليه الوضع السياسي في المستقبل القريب. فقد أظهرت قدرة ليس فقط على صياغة برامج تحظى بقبول شعبي واسع فحسب، بل تمكنت بالأهم، من خلق منظمات ذات أساس اجتماعي حقيقي ووضع استراتيجيات سياسية متسقة في حين فشلت أطراف أخرى، إلى حد كبير، على جميع الأصعدة.

ولم تدرك العامة في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة، أهمية الحركات الإسلامية إلا عقب وقوع أحداث جسيمة، مثل الثورة الإيرانية، واغتيال الرئيس أنور السادات في مصر. وقد زاد الانتباه بشكل أكبر منذ الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001. ونتيجة لذلك، ينظر إلى الحركات الإسلامية على نطاق واسع باعتبارها خطيرة وعدائية. وفي حين أن ذلك التوصيف يعد دقيقاً، فيما يتعلق بالمنظمات التي تقع في الخط الراديكالي للجماعات الإسلامية، والتي تعد خطيرة نظراً لاستعدادها للجوء إلى العنف الأعمى تحقيقاً لأهدافها، فإن ذلك يعد وصفاً غير دقيق للعديد من الجماعات التي نددت بالعنف أو تجنبته.

إن الحركات الإسلامية المعتدلة، وليس الراديكالية، هي التي سيكون لها أعظم الأثر على التطور السياسي المستقبلي في الشرق الأوسط. إن أهداف الراديكاليين المغالى فيها بإعادة تأسيس خلافة إسلامية توحد العالم العربي، أو مجرد فرض قوانين وعادات اجتماعية على دول عربية معينة مستوحاة من تفسير أصولي للإسلام، هي ببساطة أبعد ما يكون عن واقع قد يسمح بتحقيقها. إن ذلك لا يعني أن الجماعات الإرهابية ليست خطيرة – حيث أنها يمكن أن تتسبب في خسائر هائلة في الأرواح سعياً لتحقيق أهدافها المستحيلة – إلا أنها من غير المرجح أن تتمكن من تغيير مظهر الشرق الأوسط.