بقي المغرب نسبياً بمنأى عن تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية خلال العام 2008، ولكن مظاهر التباطؤ بدأت تظهر من خلال بعض المؤشرات التي استدعت وضع "خطة طوارئ" لدرء آثار الأزمة على النشاط الاقتصادي ولكن هذه الخطة تطرقت فقط الى بعض القطاعات الصناعية وفشلت في تنشيط العجلة الاقتصادية"، بحسب ما أفاده الدكتور لحسن العشي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الرباط والباحث في المؤسسة الوطنية للاحصاءات والاقتصاد التطبيقي وذلك خلال حلقة نقاش أدارها د. ابراهيم سيف من مركز كارنيغي للشرق الأوسط.

 
1. نظرة عامة على اقتصاد المغرب
 
المغرب بلد ذات دخل متوسط، عدد السكان 32 مليون والنصيب الفردي يناهز 2000$. القطاع الزراعي عنصر من الناتج المحلي الاجمالي يوظف 40% من سكان الجزائر. يوجد أيضا قطاع الصناعة التحولية الذي يلعب دورا مهما في اقتصاد المغرب. عنصر آخر من هذا الاقتصاد هو قطاع الخدمات وبالاخص قطاع السياحة. هناك أيضا قطاع العقارات الذي يمثل 10% من الناتج المحلي الاجمالي. النظام الاقتصادي للبلد يتميز بانفتاح كبير نحو العالم الخارجي. أوروبا لا تزال الشريك التجاري الرئيسي للمغرب (60-70%). ضمن أوروبا، فرنسا لا تزال الشريك التجاري الرئيسي. تليها اسبانيا، بريطانيا، ألمانيا. وخلال السنوات الماضية، وقع المغرب اتفاقات للتجارة الحرة التي من شأنها أن تؤدي الى تفكيك مجموع الحواجز التجارية خلال ثلاث سنوات.
 
فيما بين مختلف اتفاقات التجارة الحرة التي صادق عليها المغرب مع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين، هي اتفاقة التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمغرب، اتفاق أغادير، اتفاق غافتا علما بأن تجارة المغرب مع الدول العربية تسجّل أقل من 10%.
 
 
2. نتائج الازمة المالية على المغرب
 
أثر الازمة المالية على الاقتصاد المغربي يدرس على مدى ثلاث فترات.
 
- الفترة الاولى تتعلق بنهاية عام 2007 وبالارباع الثلاث الاول من عام 2008. في ذلك الوقت لم يكن هناك صدمة خارجية واضحة رغم أن المغرب يعتمد كثيرا على واردات النفط. كان النمو الاقتصادي مرتفع (حوالي 6%) وكان يقودها الطلب المحلي والبنية التحتية العامة. على الصعيد المحلي، وعلى الرغم من تدهور الوضع المالي في الولايات المتحدة وأوروبا، الائتمان المصرفي في المغرب لا يزال يتزايد، سوق الاوراق المالية يتسع، والبطالة تنخفض. بالاضافة الى هذه الاعراض الايجابية، المغرب لم يتعرض للازمة المالية الدولية ومحصنة ضد الازمات الدولية أيضا. أسباب هذه النظرة الايجابية تتكون من ثلاث حجج: قطاع مصرفي قوي، سوق أسهم معافى ذات المستثمرين المحليين وحساب رأس مال محدود. وهكذا، فان النتائج التي يمكن تقديمها هي الحقائق أن المغرب قد قدم ما يكفي من الخيارات في السنوات الماضية وجني فوائد الاصلاحات الحكيمة التي وضعت سابقا.
 
- الفترة الثانية تتعلق بالربع الرابع من عام 2008 ويتميز بالركود في أوروبا: الشريك الرئيسي للمغرب، ركود في سوق العقارات، الاتجاه النزولي في سوق الاسهم، وانخفاض تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج. حتى الآن، لا تأثير لوحظ في الاقتصاد المغربي، والأثر المحتمل أن يكون محدودا للغاية بسبب النمو المغربي المحرك بالطلب المحلي بشكل رئيسي (الاستهلاك المحلي والاستثمار المحلي). علاوة على ذلك، فان الحكومة المغربية لديها برنامج طموح للاستثمارات العامة لعام 2009، والتي من المتوقع أن تعوض عن أي انخفاض في الطلب الخارجي. وأخيرا، فان قانون التمويل لعام 2009 أدخل خفض الظرائف على الدخل التي يتوقع أن يزيد الاستهلاك المحلي.
 
- الفترة الثالثة والاخيرة تتعلق بأوائل عام 2009 عندما بدأت الازمة المالية الدولية تتدهور وبدأت تظهر في الاقتصاد المغربي. في ذلك الوقت، كان هناك انخفاض كبير في الصادرات التي لها علاقة في الملابس الجاهزة والمنتجات الجلدية، وبدأت بعض الشركات المصنعة تغلق بسبب سعر الصرف اعتبارا أن ال BP فقد 40% من قيمته. والبعض الآخر لا رؤية لديه للمستقبل كما أن سوق العقارات كان في وضع دقيق. على الرغم من كل هذه الجوانب السلبية، لا يزال المغرب غير معلن في أزمة وهو معرض لأزمة جلبت من الخارج. من المتوقع أن يكون التأثير المحتمل للأزمة محدودا جدا، والحكومة ترصد أثرها وهي مستعدة لدعم القطاعات التي قد تعاني من مشاكل. الحجج لهذه البيانات المعيفة متعلقة بتوقعات النمو لعام 2009 وهي تتجاوز 5% بسبب وفرة الامطار. بالاضافة الى ذلك تحتفظ الحكومة المغربية على برنامجها الاستثماري. نتيجة ذلك هو أن أعضاء القطاعين العام والخاص أنشأوا "لجنة الاستخبارات الاستراتيجية".
 
 
3. خطة الطوارئ
 
وبعد الاجتماع الاول للجنة الاستخبارات الاستراتيجية ظهرت فكرة خطة طوارئ وأول مشروع قدم في مجلس الحكومة في 15 كانون الثاني 2009. وتم التوقيع على النسخة النهائية لمكافحة الازمة من قبل الحكومة في 24 شباط 2009. علما أن تعميم خطة الطوارئ اتخذت خلال وقت قصير للغاية وأنها لم تسمح لأي مناقشة عامة، البرلمان على سبيل المثال لم يشارك في العملية. الاساس لهذا التحليل هو أن هناك أزمة دولية مؤقتة، فام هناك اجراءات اتخذتها الحكومات والمصارف المركزية في كل أنحاء العالم. في المغرب القطاعات التي لديها استراتيجيات واضحة على المدى الطويل هي التي تعاني من الازمة، وفي هذه الحالة الدعم الحكومي لها مبرر. ولكن، على الرغم من تدهور الوضع الاقتصادي، تشمل خطة الطوارئ قطاعين فقط وهما المنتوجات والجلود، والصناعات من وجهة (نحو 20% من شركات الصناعة التحويلية، 39% من العمالة و 39% من الصادرات). وصناعة السيارات على الجانب الآخر (حوالي 1% من الشركات الصناعية، 10% من العمالة و17% من الصادرات) وما يتبقى (79% من شركات الصناعة التجويلية، 51% من العمالة و17% من الصادرات) غير مشمول. بالاضافة الى ذلك، لا توجد خطة واضحة حول أسباب استبعاد هذه الصناعات. يتم تنفيذ خطة الطوارئ هذه ابتداء من كانون الثاني 2009 لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة. تركز الخطة على ثلاثة محاور موزعة على التدابير الاجتماعية، والتدابير المالية والتدابير التجارية التي اعتمدتها الخطة. الهدف الرئيسي للتدابير الاجتماعية هو الحفاظ على فرص العمل والتغطية الاجتماعية للعاملين على مستوى 2008. الاجراء المعتمد لبلوغ الهدف هو دفع 100% صاحب العمل اشتراكات الضمان الاجتماعي من قبل الحكومة بالنسبة الى الصادرات من اجمالي المبيعات. ولكن ليست كل الشركات سوف تستفيد من هذه اللحظة، الا الشركات المالية والضمان الاجتماعي في نهاية عام 2008 هم وحدهم المؤهلون لهذه الخطة. والهدف من هذا الاجراء المالي التي تشملها الخطة هو ضمان الحصول على التمويل. هندسة التدبير هو تقديم الدولة لضمان 65% من الائتمان للشركات والمصارف. شركات الغزل والنسيج والجلود وصناعة السيارات التي تصور على الاقل 20% من مبيعاتها والتي قد ضربت بالازمة الدولية قد تستفيد من هذه الخطة.
 
الفقرة الثالثة والاخيرة، وهي التجارية، تدعم جهود تسويق الصادرات. التدابير المتبعة تخص تنفيذ حملة اعلامية تستهدف الاسواق التقليدية في المغرب، جنبا الى جنب مع التغطية التي تقوم بها الحكومة من 80% من نفقات التسويق وخصوصا الرحلات التجارية لتغيير وتنويع الاسواق ضمن 12000$ اميركيا عن كل رحلة من قبل الشركة. اتخذ تدبير آخر وهو الحد من أقساط التأمين على الصادرات في الفترة من 3% الى 1%. وأخيرا، فان الاجراء الاخير هو زيادة حصة الصادرات من المخاطر المؤمنة عليها من 50% الى 80%. الشركات المؤهلة للاستفادة من هذه التدابير التجارية في النظام المالي والادارة والضمان الاجتماعي في نهاية عام 2008 مع برامج ترويجي لمدة ستة أشهر. لاحظ أن هناك معلومات محدودة للغاية بالنسبة الى تنفيذ الخطة. وبعد مقابلة مع رئيس مجلس CGEM خلال 23 آذار 2009 قد جاء فيها أن عشرون شركة عزل ونسيج واثنا عشر شركة سيارات ومعدات تستفيد من هذه الخطة. وأخيرا، فان الجهات الفاعلة الرئيسية من خطة الطوارئ هي: السلطات الرسمية مثل الحكومة والبنك المركزي، والاحزاب السياسية، خصوصا أحزاب المعارضة، النقابات العمالية ونقابات العمال والمجتمع المدني.