ملخّص 

أحدثت ثورة العام 2011 في مصر هزّات عميقة في اقتصاد البلاد. وقد أدّى الغموض وعدم اليقين بشأن اتجاه السياسات الحكومية إلى انخفاض معدّلات الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر. ويهدّد هذا التراجع في الاستثمار بتعقيد عملية الانتقال الاقتصادي وفق المتغيّرات السياسية والاجتماعية الجديدة. ولذا يتعيّن على القطاع الخاص والحكومة، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، أن يعملوا معاً لتفادي نشوب أزمة اقتصادية، ولتعزيز النمو والاستقرار، وتوطيد أسس الديمقراطية في مصر.

الأفكار الرئيسة

  • يوظّف القطاع الخاص نحو 70 في المئة من القوة العاملة في مصر. ومن دون حدوث زيادة ملحوظة في الاستثمار في القطاع الخاص، لن تتمكّن الحكومة من استعادة زخم النمو الاقتصادي.
     
  • تُمَثَّل الشركات من خلال مجموعة متنوّعة من الجمعيات. وقد ساهم التواطؤ بين العديد من هذه الجمعيات وبين النخب السياسية في نظام الرئيس السابق حسني مبارك، في تشكيل الصورة السلبية للقطاع الخاص في مصر. لكن عدداً من الجمعيات بات يرتبط بشكل وثيق بعد الثورة بالنظام الجديد الذي تقوده جماعة الإخوان المسلمين.
     
  • ظهرت أحزاب سياسية جديدة عدة منذ انطلاق الثورة. ويؤيّد العديد من هذه الأحزاب قطاع الأعمال، غير أن هناك أيضاً العديد من الأحزاب الإسلامية والاشتراكية التي لديها أجندات أقلّ ودّية تجاه القطاع الخاص.
     
  • اتَّخذت الحكومة خطوات لاستعادة ثقة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، لكن مجتمع الأعمال لم يَستَجِب حتى الآن بضخّ استثمارات أو تقديم مبادرات جديدة.
     
  • توصيات للقطاع الخاص.
     
  • وضع رؤية اقتصادية عمليّة ومتّسقة، من شأنها تقديم توصيات واقعية بشأن السياسات حول كيفية تحقيق نمو مستدام قائم على السوق مع زيادة فرص العمل والعدالة الاجتماعية.
     
  • توسيع الجهود القائمة لتشمل المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة والتواصل مع أصحاب المصلحة مثل النقابات العمالية.
     
  • إطلاق المبادرات التي تعزّز المسؤولية الاجتماعية للشركات على مستوى المجتمع المحلي. والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني لتحديد المجالات ذات الأولوية للشروع بهذه المبادرات.
     
  • اتّخاذ مواقف واضحة بشأن المساءلة، والحدّ الأدنى للأجور، والنظام الضريبي، والدعم الحكومي، وقواعد المنافسة.

توصيات للحكومة

  • الحدّ من الغموض في السياسة العامة من خلال إنشاء إطار موثوق من السياسات والأنظمة لممارسة الأعمال التجارية في مصر بما يتوافق مع المعايير الدولية.
     
  • التقليل إلى أدنى حدّ ممكن من التدخّل في سوق الائتمان.
     
  • اعتماد مقاربة أكثر شفافية تجاه المالية العامة ودور الجيش في الاقتصاد.
     
  • تعزيز اللامركزية بهدف تمكين المجتمعات المحلية.
     
  • إصلاح مؤسّسات القطاع العام التي تتعامل مع المستثمرين والحدّ من هامش التصرفات التقديرية للمسؤولين.
     
  • إطلاق عملية عدالة انتقالية تتمتّع بالمصداقيّة لمساعدة السكان على التمييز بين كبار رجال الأعمال الجشعين الذين استفادوا من الفساد الذي انتشر على نطاق واسع في عهد مبارك وبقيّة القطاع الخاص.

مقدمة 

أحدثت ثورة العام 2011 في مصر، والتي قلبت نظاماً سياسياً راسخاً، هزّات زلزالية في اقتصاد البلاد. وقد أدّى الغموض وعدم اليقين بشأن اتجاه السياسات الحكومية إلى انخفاض معدّلات الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر. ويهدّد هذا الانخفاض بتعقيد التحدّيات الاقتصادية التي تواجهها مصر خلال المرحلة الانتقالية السياسية، والحدّ من مجال المناورة المالية والاقتصادية أمام الحكومة في الوقت الذي تبدو التوقّعات العامة مرتفعة.
 
ثمّة ثلاث قضايا ستكون حاسمة بالنسبة إلى مستقبل مصر الاقتصادي، وبالتالي مستقبلها السياسي في نهاية المطاف. ستحتاج الحكومة التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين إلى إنشاء إطار موثوق من السياسات والأنظمة الخاصة بممارسة الأعمال التجارية في مصر بما يتوافق مع المعايير الدولية، وإلى بناء درجة أعلى من الشفافية بشأن دور الجيش في الاقتصاد، وتحفيز القطاع الخاص للمساعدة في تنشيط الاقتصاد الراكد في البلاد.
 
يمكن للقطاع الخاص أن يؤدّي دوراً حاسماً خلال العملية الانتقالية. فهذا القطاع يوظّف حالياً نحو 70 في المئة من القوة العاملة في مصر. ومن دون حدوث زيادة ملحوظة في استثماراته، لن تتمكّن الحكومة من تحقيق نمو اقتصادي قوي أو تلبية التطلّعات الاقتصادية لشعبها. يتعيّن على الحكومة أيضاً بناء الثقة بينها وبين النخبة من رجال الأعمال القدماء والجدد، والسكان التواقين لتطبيق مبدأ المساءلة. ويكمن أفضل أمل لمصر من أجل تفادي الأزمة الاقتصادية التي تهدّد بحرف الثورة عن مسارها، في وضع ميثاق يشمل القطاعَين العام والخاص والمجتمع المدني. وإذا ماتعاونت هذه الجهات صاحبة المصلحة، فستكون قادرة على تعزيز النمو وخلق فرص العمل، وحماية الفئات الضعيفة، والمساعدة على تعزيز الانتقال إلى الديمقراطية.

القطاع الخاص بعد الثورة

قامت الحكومة حتى الآن ببعض الخطوات لاستعادة ثقة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري. وقد أعربت عن استعدادها لتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وشكّلت لجاناً للقيام بمهمة التنسيق بين الرئيس والقطاع الخاص، وقلّلت من جوانب الغموض في مايتعلّق بالشراكات بين القطاعَين الخاص والعام. ومع ذلك، فشلت هذه الخطوات في تهدئة الالتباس بشأن اتجاه السياسة الاقتصادية الكلية في ظل حكم جماعة الإخوان. كما أن البعض في القطاع الخاص قلقون من أن الإخوان يروّجون جزئياً لصورة سلبية عن قطاع الأعمال، حيث يتهمون بعض اللاعبين الكبار فيه بالمسؤولية عن الأوضاع البغيضة في سنوات حكم مبارك، بما في ذلك الاحتكارات غير العادلة، والتفاوت الكبير في الدخل، وزيادة معدلات الفقر، والعجز الكبير في الميزانية.
 
ويتفاقم هذا الوضع بسبب النظرة السلبية واسعة الانتشار عن القطاع الخاص التي لاتزال قائمة في المجتمع المصري. وقد ساعدت بعض الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في الترويج لهذه الصورة السلبية، متّهمة القطاع الخاص بأنه غير راغب في الاضطلاع بدور فاعل خلال الفترة الانتقالية. في العديد من الحالات، ساهمت وسائل الإعلام في ترويج الصورة السلبية عن طريق مساواة القطاع الخاص بالفساد. كما كان من الصعب التمييز بين الجهات الفاعلة الفردية ضمن القطاع الخاص، وبين تأثير عملية الخصخصة عموماً.
 
وقد فشلت نخبة رجال الأعمال في مرحلة ماقبل الثورة في بلورة دور جديد لها في الفترة الانتقالية ومابعدها. كما لم تتمكّن من الاتفاق على مجموعة موحّدة من المطالب لتسهيل تفاعلها مع أصحاب المصلحة الآخرين. ويعكس هذا الصمت تردّدها في التصرف فيما لايزال الوضع السياسي في حالة تغيّر مستمر.
 
ينبغي على القطاع الخاص التنافس مع عدد من المجموعات والجمعيات التجارية الجديدة ذات الميول الإسلامية التي ظهرت منذ إطاحة الرئيس مبارك. فمعظم هذه المجموعات الجديدة يميل إلى أن يكون مسيّساً تماماً، إذ يستخدم شعارات "العدالة الاجتماعية" ويؤيّد صراحةً برنامج الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي.1  وليس واضحاً إلى الآن كيف ستتطوّر العلاقات بين نخبة رجال الأعمال القديمة وبين هذه المنظمات الجديدة الإسلامية بصورة أكثر صراحة. 
 
إضافة إلى هذه المنظمات الإسلامية، ظهر العديد من الأحزاب العلمانية الجديدة منذ قيام الثورة. ويوظف كل من هذه الأحزاب، الإسلامية وغير الإسلامية على حدّ سواء، خطاباً مختلفاً بعض الشيء عندما يتعلّق الأمر بالقضايا الاقتصادية. فبعضها يقيم علاقات وثيقة مع كبار رجال الأعمال، وفي أن معظمها اعتمد أجندة تدعو إلى تبنّي اقتصاد السوق وتعزيز العدالة الاجتماعية. بيد أن بيانات السياسة العامة نوعاً ما، التي أصدرها العديد من الأحزاب، تخفق في تحديد المقصود في الواقع من مصطلح "اقتصاد السوق" أو "العدالة الاجتماعية". ولذلك فهي تفتقر إلى وجود مواقف واضحة بشأن قضايا رئيسة مثل النظام الضريبي والحد الأدنى للأجور والخصخصة.
 
ربما الأهم من ذلك هو أن هذه الأحزاب فشلت في تشكيل تحالفات فعّالة مع القوى الاجتماعية، مثل النقابات العمالية، التي ظهرت باعتبارها أحد أكثر الأطراف المؤثّرة في الساحة السياسية. فقد زاد عدد الإضرابات التي نظّمتها الحركات العمالية خلال العامين الماضيين، والتي تطالب بتحسين ظروف العمل ورفع الأجور.2  وتضاعف متوسط العدد السنوي للاحتجاجات في أعقاب الثورة مقارنة بالفترة بين العامين 2007 و2010، والتي لم يتجاوز خلالها متوسط عدد الاحتجاجات الـ700. 3 
 
يتعيّن على القطاع الخاص إيجاد وسيلة للتحرك في هذا المشهد الناشئ بعد الثورة. إذ ستكون فعّاليته الإنتاجية ضمن الإطار الاقتصادي المصري الجديد مهمة للمساعدة في إخراج البلاد من وضعها الاقتصادي الذي يزداد تردّياً.

الأداء الاقتصادي بعد الثورة

في العامين اللذين مرّا منذ قيام الثورة، كان الأداء الاقتصادي في مصر ضعيفاً. فقد تباطأ الاقتصاد منذ الثورة. وتوقّع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 3 في المئة في العام 2013، لكنه قلّص هذا الرقم الآن إلى 2 في المئة. وبلغ النمو الذي سُجِّل في العام 2012 نسبة 2.2 في المئة، وهي نسبة قريبة جداً من تقديرات النمو السكاني للعام 2011. 4 وقد تدهور ميزان المدفوعات، خصوصاً لأن تدفّقات رأس المال إلى الخارج، مثل شراء الواردات الغذائية الضرورية وسداد أقساط وخدمات الديون الخارجية، استمرّت في حين جفّت تدفّقات رأس المال إلى الداخل بسبب المخاطر المرتفعة المرتبطة بالاستثمار في الأعمال التجارية والانخفاض الكبير في عوائد السياحة. وكانت نتيجة ذلك حصول هبوط حادّ في احتياطيات العملات الأجنبية من 24.1 مليار دولار في أيلول/سبتمبر 2011، إلى حوالى 15.04 مليارات دولار في أيلول/سبتمبر 2012، أي مايعادل حوالى 2.6 أشهر من الواردات. 5
 
وصل العجز المالي الآن إلى أكثر من 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في مصر. ويفسّر توقّف النشاط الاقتصادي جزءاً من ارتفاع عجز الميزانية، مثلما هو الحال بالنسبة إلى الزيادة الحكومية في الإنفاق العام استجابة لمطالب الشارع المتزايدة. وتشمل النفقات زيادة في أجور العاملين في القطاع العام وزيادة الدعم لتغطية ارتفاع أسعار الواردات الغذائية. ولتمويل هذا الإنفاق، لجأت الحكومة إلى الاقتراض قصير الأجل من السوق المحلية بأسعار فائدة مرتفعة. ومثّلت هذه القروض نسبة 16 في المئة من فواتير وزارة الخزانة في أيلول/سبتمبر 2012.
 
رفع هذا الضغط على سوق الائتمان أسعار الفائدة إلى مستويات جديدة، الأمر الذي أدّى إلى الحدّ من قدرة القطاع الخاص على الحصول على التمويل ومزاحمة استثماراته. وقد تم تقديم مايُقدَّر بنحو 65 في المئة من ودائع المصارف التجارية في شكل قروض للقطاع العام. 6 مثل هذه النتيجة تنطوي على مشكلة سوء اختيار لأن هذه الأموال تستخدم أساساً من أجل استهلاك الوقود وتمويل الواردات بدلاً من استثمارها بذكاء.
 
بلغ سعر صرف الجنيه المصري، خلال الأسبوع الأخير من العام 2012، أدنى مستوياته مقابل الدولار الأميركي منذ إطاحة حسني مبارك، وعمد البنك المركزي المصري إلى سنّ لوائح نقدية جديدة لصرف العملات الأجنبية في محاولة لكبح جماح المضاربة في العملات، والحدّ من التضخّم. 7 في الوقت نفسه تقريباً، قامت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني بتخفيض تصنيف الاقتصاد المصري من B إلى B-، مستشهدة بالاضطرابات المدنية التي "أضعفت الإطار المؤسّسي في مصر، والخطاب السياسي الذي يزداد استقطاباً، والذي يمكن أن يقلّل من فعالية صنع السياسات". 8 وكانت الوكالة خفّضت تصنيف مصر في وقت سابق في العام 2012 من B + إلى B، معتبرة أن "موقف مصر الخارجي... [قد] تدهور... و[كان] من المرجّح أن يضعف أكثر، في ظل غياب استقرار الوضع السياسي الداخلي، إلى جانب الدعم المالي الخارجي". 9
 
لم يحاول أيّ من الإدارات الأربع التي تعاقبت في مصر على مدى العامين الماضيين التعامل مع التحدّيات الاقتصادية طويلة الأجل الكامنة وراء هذه التطوّرات (أنظر الشكل 1). بدلاً من ذلك، استجاب كلٌّ منها لضغط الشارع المباشر.
 
 
 
زادت الحكومة الأولى، برئاسة أحمد شفيق (31 كانون الثاني/يناير 2011 - 3 آذار/مارس 2011)، رواتب موظّفي الخدمة المدنية والموظفين العسكريين بنسبة 15 في المئة. وعرضت وظيفة دائمة على العاملين المؤقّتين في الحكومة سابقاً. كما ألغت حكومة شفيق الغرامات على ضريبة المبيعات لتشجيع القطاع الخاص على دفع المتأخّرات الضريبية. 10 وخلال هذه الفترة، تباطأ النمو، وبقي القطاع الخاص في حالة من الصدمة إلى حدّ ما.
 
أقرّت الحكومة الثانية برئاسة عصام شرف (3 آذار/مارس 2011 - 7 كانون الأول/ديسمبر 2011) أول ميزانية بعد الثورة. كانت تلك أكبر ميزانية في تاريخ مصر، وبلغت 91.54 مليار دولار، مقارنةً بميزانية العام السابق التي بلغت 69.53 مليار دولار (استناداً إلى سعر صرف يبلغ 6.93 جنيه مصري للدولار الواحد). فسُجِّلَت زيادة بنسبة 20 في المئة في الإنفاق العام، بما في ذلك زيادة بنسبة 14 في المئة في مخصّصات التعليم والصحة. وشهد الدعم الحكومي زيادة بنسبة 26 في المئة نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق الدولية.
 
كان ردّ الفعل الاقتصادي الأوّلي لتعيين شرف إيجابياً، حيث عكس نمو الناتج المحلي الإجمالي اتجاهه السلبي في غضون شهرين من تعيينه. ومع ذلك، رفضت الحكومة، تحت تأثير المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم، الشروع في حوار مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض محتمل. لم يكن قادة مصر يرغبون في الاقتراض من الخارج بسبب مخاوف المجلس العسكري الحاكم بشأن مستوى الدين العام. كما كانوا متردّدين إزاء تقييدهم حتى بالشروط المتساهلة التي يقدمها صندوق النقد الدولي، لأن المجلس العسكري كان يسعى إلى تجنّب التدخل الأجنبي، خصوصاً في ضوء علاقات مبارك المخلوع الوثيقة مع الغرب. وأراد هؤلاء القادة الجدد أيضاً تجنّب فرض أي إجراءات تقشّفية يمكن أن تضاف إلى القرض المقترح، حيث أن الكثير منها لن يلقى ترحيباً من مجتمع الأعمال لأنه سيزيد الضرائب على الشركات الكبرى في مصر. وهكذا، وبهدف تمويل النفقات العامة، اضطرّت الحكومة إلى الاقتراض من السوق المحلية، ومزاحمة القطاع الخاص، وزيادة تكلفة الحصول على الأموال بالنسبة إلى المؤسّسات الخاصة.
 
تبنّت حكومة كمال الجنزوري (7 كانون الأول/ديسمبر 2011 - 2 آب/أغسطس 2012) عدداً من السياسات لتعزيز الوضع الاقتصادي الكلي، مثل خفض الإنفاق العام والديون الخارجية. قدّم الجنزوري سقفاً للأجور العامة وحدّاً أدنى جديداً للأجور، ووافق على خطتين لدعم السياحة وإنتاج القطن والسكر. وقد لقيت هذه المبادرات قبولاً حسناً في السوق، وسجّل النمو أعلى معدل له في الفترة الانتقالية، ووصل، لفترة وجيزة، إلى نحو 5 في المئة.
 
تولّت حكومة هشام قنديل مسؤولياتها في 2 آب/أغسطس 2012، بعد الانتخابات الرئاسية. ومنذ أدائها اليمين الدستورية، كانت واضحة في نيّتها التوصل إلى اتّفاق مع صندوق النقد الدولي من شأنه أن يؤمّن لها الحصول على قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار. ومع ذلك، أخّر الجدل حول الدستور الجديد إبرام اتفاق بهذا الخصوص. فقد عرقل الرئيس محمد مرسي، الذي كان مشغولاً بتمرير الدستور، عدداً من المبادرات الجديدة المتعلقة بالسياسات العامة، بما في ذلك زيادة الضرائب وعناصر حزمة تقشّفية كانت تهدف إلى تأمين الموافقة على الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، وحشد الموارد المالية التي أضرّ بها الاضطراب السياسي. 11 أدّت هذه المنازعات في عملية اتّخاذ القرار إلى حالة من عدم اليقين السياسي، وأضعفت ثقة أصحاب مصلحة آخرين بالحكومة، وخصوصاً القطاع الخاص.

بنية القطاع الخاص

نما القطاع الخاص، الذي كان مجرّد قوة هامشيّة خلال أيام اشتراكية الدولة الناصرية، في عهد الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك، ليصبح المحرّك الأساسي للنمو الاقتصادي في مصر. في العام 2011، كان القطاع الخاص يمثّل 63 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف 70 في المئة من القوة العاملة المصرية. 12
 
يتكوّن القطاع الخاص في مصر من مزيج من المؤسّسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والكبيرة. تشكّل المؤسّسات الصغيرة، التي توظّف مابين شخص واحد وأربعة أشخاص، مايقرب من 91 في المئة من جميع المؤسّسات المصرية. وتشكّل المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة، التي توظّف مابين خمسة و100 شخص نسبة 8 في المئة. أما المؤسّسات الكبيرة فتشكلّ أقلّ من 1 في المئة من إجمالي المؤسّسات المصرية. 13 ومن حيث نسبة العمالة، توظف المؤسّسات الصغيرة 58 في المئة من القوة العاملة، وتوظّف المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة 25 في المئة، في حين تستحوذ المؤسّسات الكبيرة على17 في المئة. 14
 
المؤسّسات متناهية الصغر موزّعة ومتناثرة، غير أن احتمال توسّعها ضئيل نظراً إلى نقاط الضعف الهيكلية التي تعاني منها، مثل ضعف المهارات الإدارية وقلّة الموارد المالية. ومعظم المؤسّسات الصغيرة غير منظمة، ولذلك من الصعب لها الاستفادة حتى من البرامج التي ترعاها الحكومة، والتي تهدف إلى تعزيز قدراتها. وتحتاج هذه المؤسّسات إلى برامج محدّدة تستهدف نقاط ضعفها الرئيسة. فضلاً عن ذلك، تواجه منافسة قوية، وعادة ماتكون هوامش أرباحها ضيّقة جداً. ويعاني العمال في هذه المؤسّسات من سوء ظروف العمل، وهم غير منظّمين على الرغم من أعدادهم الكبيرة. ونتيجة لذلك، فإن تمثيلهم السياسي ضعيف، ولايمكنهم المساومة على أجور أو مزايا أفضل.
 
تواجه المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة، التي تعمل في قطاعَي الصناعات التحويلية والخدمات، العديد من العقبات، بما فيها محدودية فرص الحصول على التمويل، ومهارات العمل ضعيفة المستوى، والمعايير غير المتّسقة، وضعف الروابط مع الشركات الكبيرة. 15 وهي إلى ذلك تفتقر إلى وجود تمثيل فعّال لها ضمن الإطار المؤسّسي القائم للقطاع الخاص، والذي تهيمن عليه الشركات الكبرى. وقد أرغمت البيئة السيئة لممارسة الأعمال، والعقبات المرتبطة بالالتزام بشروط الضمان الاجتماعي ومتطلّباته، ومحدودية فرص الحصول على التمويل، العديد من المؤسّسات المتوسطة على الدخول في القطاع غير الرسمي. 16
 
تهيمن الشركات الكبيرة على المشهد في العادة نتيجة لهياكلها التنظيمية الفعّالة وقدرتها على الوصول إلى الموارد المالية. وهي تتوفّر أيضاً على إمكانية الوصول إلى صنّاع القرار على نحو غير متكافئ، وربما تتمكّن من خلال ذلك من جعل السياسات المتّبعة تميل لصالحها. وتشمل المؤسّسات الكبيرة المنشآت التي تعمل في قطاعات الخدمات والصناعات التحويلية والزراعة.

المنظمات التي تمثّل القطاع الخاص

مثّلت مجموعة واسعة من المنظمات والمؤسّسات القطاع الخاص في مصر قبل الثورة وبعدها. كان بعضها ظاهراً ومؤثّراً للغاية في تشكيل بيئة الأعمال، في حين كان تأثير بعض المنظمات والمؤسّسات الأخرى على عملية صنع السياسات محدوداً. ويرتبط العديد منها بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالحكومة المصرية، حيث اضطلع عدد من الجمعيات قبل الثورة بدور في تفشّي الفساد الذي ميّز عهد مبارك. وتسعى الجمعيات الجديدة إلى تحقيق مصالح بعض الشركات التي هُمِّشَت قبل الثورة، لكنها تبنّت العديد من سياسات وممارسات الشركات التي سبقتها، ولاتعمل على الترويج لرؤية اقتصادية جديدة.

مؤسّسات الأعمال التي سبقت الثورة

يُعَدّ اتحاد الصناعات المصرية من بين المنظمات الأكثر وضوحاً وتأثيراً التي تشكّلت قبل الثورة، وهو يضمّ ست عشرة غرفة صناعية تسعى إلى دعم قطاعات الصناعات التحويلية في مصر؛ وهو بمثابة اللوبي الرسمي لمصالح أعضائه. وهناك مؤسّسة بارزة أخرى هي الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية. وتهدف هذه المنظمة، التي تمثّل الغرف الأعضاء فيها مختلف المحافظات، إلى خدمة مصالح مجتمع الأعمال المصري بصفة عامة.
 
يُعَدّ الاتحادان هيئتين شبه رسميتين، حيث تعيّن الحكومة رئيسيهما وتساهم في تمويلهما. ومنذ قيام الثورة، يطالب عدد من كبار رجال الأعمال بإجراء تعديلات على القوانين التي تنظّم عمل هاتين الهيئتين من أجل ضمان استقلالهما الكامل وإجراء انتخابات حرة لقيادتهما. 17
 
تشكّل مجالس تصدير السلع مجموعة أخرى من الهيئات شبه الرسمية. وتموَّل هذه المجالس من جانب أعضائها، غير أنها تخضع إلى إشراف أمانات عامة ترتبط بوزارة التجارة والصناعة. ويوجد في مصر خمسة عشر مجلساً لتصدير السلع، يخدم مصالح المصدّرين في مجالات محدّدة، ويضغط لمنع الإفراط في التنظيم البيروقراطي والروتين. وهناك أيضاً غرف تجارية وجمعيات خاصة ترتبط ببلدان ذات أهمية خاصة للمصنّعين والتجار (مثل غرفة التجارة الأميركية وغرفة التجارة الكندية).
 
وهناك أيضاً هيئات مثل جمعية رجال الأعمال المصريين، والجمعية المصرية لشباب الأعمال، وجمعية رجال أعمال الاسكندرية، وهي لاتتمتّع بمستويات عالية من الدعم الحكومي. لاترتبط هذه المنظمات بالحكومة، وكانت مدافعة فعّالة عن قطاع الشركات الخاصة خلال عهد مبارك، علماً أنها كانت تاريخياً ضعيفة نسبياً وتركّز على قطاعات محدّدة. وهي لاتمتلك سياسة أو رؤية شاملة للتنمية الاقتصادية، وتبقى محدودة الموارد، إذ يجري إنفاقها بشكل رئيس على الخدمات اللوجستية والعمليات الداخلية. في معظم الحالات، اقتصر الضغط القليل الذي مارسته هذه المؤسّسات على تأمين حماية خاصة ومعاملة تفضيلية لها من المسؤولين الحكوميين المزهوّين بأنفسهم، بدل أن تركّز على تطوير وتعزيز برنامج اقتصادي أوسع يرتكز على النمو ويعود بالفائدة عليها وعلى الاقتصاد الوطني.
 
 
وقد ساهم الاختلاط النفعي بين جمعيات رجال الأعمال والنخب السياسية – والذي أصبح واضحاً خصوصاً خلال السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك – في تشكيل صورة سلبية عن القطاع الخاص عند الكثير من المصريين. خلال تلك الحقبة، استغل قادة الأعمال البرلمان والحكومة لحماية مصالحهم والإبقاء على احتكارهم لأسواق معيّنة، بما في ذلك صناعات الصلب والإسمنت. وقد أفلت تضارب المصالح الواضح هذا من العقاب بسبب غياب قانون أو مدوّنة لقواعد السلوك تحكم هذه العلاقة.
 
كان نظام مبارك مدفوعاً بالحاجة إلى التماس الدعم من قادة القطاع الخاص لخلافة نجل الرئيس السابق جمال مبارك. كان ترتيب المعارضة مناسباً وفي محله، حيث عرض رجال الأعمال البارزين توفير الدعم السياسي لجمال في مقابل الحصول على بعض الامتيازات التي تخدم مصالحهم التجارية. ومن الأمثلة على ذلك تخصيص الأراضي، وتجميد قوانين مكافحة الاحتكار، وصفقات الخصخصة المريبة. وقد علقت مثل هذه الحالات من الفساد في أذهان كثير من المصريين. 18

جمعيات رجال الأعمال والسياسة العامة

في الماضي، كانت نخب القطاعين العام والخاص راضية عن هذا الترتيب. وقد أدّى ذلك إلى إضعاف المطالبة بإجراء إصلاح جدّي من جانب الدوائر الانتخابية القوية التي كان يمكن أن تنتج بيئة أكثر تنافسية وتشجّع الداخلين الجدد إلى السوق، ناهيك عن توسيع الاقتصاد بصورة أكثر استدامة، وذلك لتخفيف الشعور بالظلم الذي ساعد على إشعال ثورة كانون الثاني/يناير 2011. غير أن ثمّة حاجة الآن إلى وجود علاقة سليمة، تأخذ في الاعتبار أحداث العام 2011، وتقوم على الشفافية وقدر أوسع من الإدماج والاستيعاب والتركيز على تعزيز السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تشجّع النمو وتوفّر في الوقت نفسه فرص العمل وتعزّز العدالة الاجتماعية.
 
على سبيل المثال، تشهد مصر منذ سنوات مناقشات عديدة بشأن الحدّ الأدنى للأجور، وسياسة فرض الضرائب، وتقليص الدعم الحكومي. غير أن جمعيات القطاع الخاص لم تشارك في هذه القضايا بجديّة، ونادراً ماتناولتها أو حدّدت بدائل لها على صعيد السياسات. والأمر نفسه ينطبق على المسائل المتعلقة بكيفية دعم الاقتصاد غير المنظّم أو زيادة الروابط بين المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة.
 
من حيث التمثيل، كانت المؤسّسات متناهية الصغر والصغيرة غائبة أساساً في الهيكل القائم. ربما كانت تلك الشركات أعضاء في جمعيات، إما بقوة القانون (في حالة اتحاد الصناعات المصرية والاتحاد العام للغرف التجارية المصرية)، وإما طواعية (في حالة مجالس رجال الأعمال وجمعيات المستثمرين التي تنتشر في جميع أنحاء البلاد على مستوى المحافظة). ومع ذلك، كان تأثير هذه المؤسّسات في حدّه الأدنى في جمعيات الأعمال التجارية الرئيسة، ولم يتم إيصال مخاوفها وشواغلها بفعالية في الحياة العامة أو في عملية صنع السياسات. إضافة إلى ذلك، لم يكن ثمة اعتراف رسمي أو تمثيل لاقتصاد الأمر الواقع غير المنظّم، والذي يشكّل مايقرب من 30 في المئة من الاقتصاد المصري. 
 
تجري حالياً محاولات لتعديل القوانين والأنظمة التي تنظّم عمل المؤسّسات التمثيلية في القطاع الخاص للحدّ من التدخّل الحكومي. من شأن هذه القوانين أن تسمح بإجراء الانتخابات الخاصة بمجالس إدارات ورؤساء الاتحادات الصناعية والتجارية، والتي ستكون خطوة في الاتّجاه الصحيح.

مؤسّسات القطاع الخاص الجديدة

شهدت مصر في أعقاب الثورة ولادة مؤسسات جديدة. كانت الجمعية المصرية لتنمية الأعمال ظاهرة أكثر من سواها، 19 وهي تمثّل طيفاً واسعاً من مجتمع الأعمال. بحلول نهاية العام 2012، كانت الجمعية تضمّ مايقرب من 300 عضو. ويرأس مجلس إدارتها حسن مالك، العضو في جماعة الإخوان المسلمين، والذي يتمتّع بعلاقات جيدة مع الرئيس مرسي.
 
ومن بين أعضاء مجلس الإدارة الآخرين رجال أعمال من أصحاب الشركات الخاصة العريقة مثل صفوان ثابت، الرئيس التنفيذي لـ"مجموعة جهينة"، وهي شركة لإنتاج المواد الغذائية وتوزيعها، وجمعيات رجال أعمال أخرى مؤثّرة. ويضم المجلس أيضاً طارق فهيم، الأمين العام لحزب النور السلفي. وقد انضمّ عدد من قادة النظام السابق أيضاً إلى مجلس الإدارة. فضلاً عن ذلك، قام مالك بمحاولة لإعادة كبار رجال الأعمال المصريين إلى مصر بعد أن فرّوا من البلاد في أعقاب عاصفة من الاعتقالات ضد الشركاء المرتبطين بمبارك. ومن بين هؤلاء ياسين منصور، المستثمر في مجال السيارات والخدمات المصرفية، وحامد الشيتي، رئيس مجلس إدارة فندق وشركة ترافكو للسياحة. 20
 
تهدف الجمعية المصرية لتنمية الأعمال إلى أن تكون قناة اتصال بين المستثمرين والحكومة، وتدّعي أيضاً أنها تشجّع تنمية المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء مصر والقيام بأعمال التدريب المهني. ويقول مالك إنه "ينبغي أن يفيد قطاع الأعمال أوسع قاعدة ممكنة من المجتمع، لا مجرّد فئة صغيرة، كما كانت الحال في عهد مبارك". 21
 
وتستلهم الجمعية أسلوبها وأفكارها، بحسب رأي أعضائها، من الجمعية المستقلة للصناعيين ورجال الأعمال في تركيا التي مضى على تأسيسها اثنان وعشرون عاماً، ومؤسسة ماليزيا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.22  فقد أدّت جمعية التركية دوراً في تحقيق اللامركزية والتنمية الاقتصادية في تركيا، ولاسيّما من خلال تشجيع المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة. كما ساهمت في تدعيم التفوّق السياسي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي في تركيا.
 
لكن لايبدو أن الجميع سعداء بظهور مثل هذه المنظمة في مصر. فقد نقلت وسائل الإعلام عن العديد من رجال الأعمال قولهم إنهم غير راضين عن الجمعية المصرية لتنمية الأعمال، التي يبدو واضحاً أنها تدخل المعركة الحزبية بتحالفها مع الرئيس الحالي. وهم يشكّكون بمهمتها، ويقولون إنها مجرّد جمعية رجال أعمال أخرى تسعى إلى الاستفادة من علاقاتها الجيدة مع الحزب الحاكم بهدف الحصول على امتيازات لصناعاتها الخاصة وتهميش المنافسين. 23
 
تحاول المنظمات الأخرى التي تأسّست حديثاً في القطاعَين المصرفي والمالي، تعزيز التمويل الإسلامي، وهو نموذج مالي قائم على مبادئ الشريعة التي تحظر الإقراض بفائدة، والقمار، والاستثمار في تجارة السلع التي نهى عنها الإسلام، مثل الكحول. على سبيل المثال، أُنشِئَت الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي لترويج المنتجات المالية الإسلامية الجديدة، وفقاً لمحمد البلتاجي، رئيس مجلس إدارة الجمعية. ووفقاً للبنك المركزي المصري، تقدّم خمسة عشر مصرفاً تقليدياً بطلبات للحصول على تراخيص لفتح أقسام للتمويل الإسلامي في العام 2011. ويوجد حالياً 211 فرعاً للمصارف الإسلامية في مصر من أصل مامجموعه 2360 مصرفاً في البلاد. 24
 
من الصعب التمييز بوضوح بين دور جمعيات القطاع الخاص الجديدة والقديمة، باستثناء العلاقة الحميمية التي تقيمها المؤسسات الجديدة مع جماعة الإخوان المسلمين والحركات السلفية. فهذه المؤسّسات تتشدّق بضرورة إشراك المؤسّسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، لكنها فشلت حتى الآن في أخذ زمام المبادرة لتوسيع مهمتها والتعامل مع مخاوف وهموم هذه الشريحة المهمة، لكن المهملة، من القطاع الخاص. لايتمتّع قطاع المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة، على سبيل المثال، بنسبة تمثيل في مجلس إدارة الجمعية المصرية لتنمية الأعمال تزيد عما كان عليه الحال في مجالس إدارة الجمعيات التي سبقتها.
 
فضلاً عن ذلك، لايمكن تمييز موقف هذه المؤسّسات الجديدة من النقابات العمالية والحدّ الأدنى للأجور وإصلاح الدعم، على سبيل المثال، عن مواقف مؤسّسات ماقبل الثورة. وعموماً فإنها لاتمثّل خروجاً كبيراً عن الممارسات التي أرساها الحرس القديم في القطاع الخاص. 

مجتمع الأعمال والأحزاب السياسية الجديدة

لقد ظهر العديد من الأحزاب السياسية منذ قيام الثورة. وتتبنّى معظم هذه الأحزاب موقفاً إيجابياً ومناسباً عموماً من القطاع الخاص ومجتمع الأعمال. غير أن البرامج الاقتصادية للأحزاب السياسية تعكس، كما هو متوقّع في بلد متنوّع مثل مصر، الطيف السياسي الواسع في البلاد. يدعو عدد من الأحزاب التي أسّسها كبار رجال الأعمال المتنفّذين صراحةً إلى تبنّي سياسات مناسبة لقطاع الشركات الخاصة. وتحاول أحزاب أخرى، مثل الأحزاب الإسلامية، إيجاد حلّ لمشكلة دعم القطاع الخاص واقتصاديات السوق، في وقت تحاول التمسّك بمبادئ الشريعة وشعارات العدالة الاجتماعية الإسلامية. وأخيراً، تدعو الأحزاب الناصرية واليسارية إلى العودة إلى التأميم وإلغاء عملية الخصخصة.

الأحزاب المؤيدة لقطاع الأعمال

يمتلك حزب المصريين الأحرار، الذي أسّسه في أعقاب الثورة قطب الاتصالات نجيب ساويرس، أجندة اقتصادية واضحة المعالم ومناسبة للقطاع الخاص. وقد انضم إلى حزب المؤتمر المصري الذي تأسّس حديثاً بقيادة عمرو موسى وأيمن نور، والذي اُعلِن عنه في أيلول/سبتمبر 2012. ويستند الحزبان إلى منظومة القيم نفسها.
 
يقول أيمن نور إن الهدف الاقتصادي الرئيس لحزب المؤتمر المصري هو وضع أسس اقتصاد مصري قوي قائم على المنافسة العادلة وحماية حقوق المستهلك. ووفقاً لما ورد في برنامج الحزب، فإنه يشجّع فرض نظام ضرائب غير تصاعدية، مع منح إعفاءات ضريبية أكبر للفئات ذات الدخل المنخفض.
 
يدعو حزب المؤتمر المصري أيضاً إلى الاستمرار في عملية الخصخصة بطريقة عادلة ومنصفة وشفّافة. ويميّز هذا الالتزام بعملية الخصخصة الحزب عن الأحزاب الاشتراكية والإسلامية التي تشكّك في هذه المسألة. إضافة إلى ذلك، يدعو الحزب إلى إنشاء "ممرّ التنمية"، الذي سيجري بناؤه على طول طريق موازٍ لنهر النيل يربط بين الشمال والجنوب، بحيث تكون الأراضي الزراعية والمدن في محيطه.
 
فضلاً عن ذلك، ارتبط حزب الإصلاح والتنمية بعلاقة مع مجتمع الأعمال. ومع أنه تأسّس في العام 2009، إلا أنه لم يُسجَّل رسمياً إلا في أيار/مايو 2011. يدعو برنامج الحزب إلى دعم المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة ومشاريع التمويل الأصغر لتوفير الفرصة للفقراء للحصول على القروض وإفادة المجتمعات المحلية الفقيرة. 25 كما يدعو إلى زيادة فرص العمل والفرص الاقتصادية للمواطنين المصريين لرفع مستوى المعيشة وسدّ فجوة التفاوت الاجتماعي. وسيتحقّق ذلك، وفقاً للحزب، من خلال تعزيز النمو الاقتصادي ومبادىء السوق الحرة.
 
حزب مصر الحديثة حزبٌ ليبرالي معتدل ومؤيّد لقطاع الأعمال، أسّسه في تموز/يوليو 2011 رجل الأعمال نبيل دعبس، الذي يرأسه حالياً. وتتوزّع أنشطة شركات دعبس العائلية بين التعليم والإعلام. يسعى الحزب إلى احتضان مختلف شرائح المجتمع المصري من دون تمييز. ويتضمّن برنامجه الأساسي القضاء على الفساد ودعم القطاع الزراعي. وقد تبنّى شعار "الغذاء والمأوى أولاً"، وحدّد هاتين القضيتين باعتبارهما المكوّنين الرئيسين للكرامة الإنسانية. وفي إطار سعيه إلى تحقيق هذا الهدف، دعا الحزب إلى إطلاق عدد من المؤسّسات الشاملة، مثل الحملة الوطنية لزراعة القمح. 26
 
 
يقدّم حزب مصر الحرية، الذي أسسه الباحث السياسي المصري عمرو حمزاوي، توصيات أكثر تفصيلاً من الأحزاب الأخرى. كما يتبنّى موقفاً واضحاً بشأن الحدّ الأدنى للأجور، قائلاً إنه ينبغي أن يرتبط مباشرة بمستوى إنتاجية العمل وتكلفة المعيشة المحلية. إضافة إلى ذلك، يجب أن تتَّسم أي سياسة بشأن الحدّ الأدنى للأجور بالمرونة، ويجب أن تُصحَّح وفقاً لمعدلات التضخّم والأوضاع الاقتصادية القائمة. هدف الحزب هو إذاً تقديم الإصلاحات الاقتصادية والمؤسّسية باعتبارها جزءاً لايتجزأ من اقتصاد السوق، مع الحفاظ على التوازن بين المصالح الاقتصادية والاجتماعية لضمان تحقيق نمو عادل وشامل.

الأحزاب الإسلامية 

من بين الأحزاب الإسلامية التي تأسّست حديثاً حزب الحرية والعدالة، الذي يرتبط بجماعة الإخوان المسلمين. أجندة الحزب الاقتصادية مناسبة للقطاع الخاص حيث تشجّع الاستثمار المحلي والأجنبي الخاص، فضلاً عن أنها تحترم الملكية الخاصة. 27 ومع ذلك، توجد مناطق رمادية في موقف الحزب بشأن دور الدولة وحدوده. إضافة إلى ذلك، يتبنّى الحزب شعار العدالة الاجتماعية من دون صياغة سياسات واضحة ترمي إلى تحقيق هذا الهدف، ولم يوضّح الحزب كيفية تأمين الموارد المالية اللازمة لتمويل مبادراته الاستثمارية.
 
يمثّل حزب النور الاتجاه السلفي في مصر. 28 وقد نشر الحزب برنامجاً اقتصادياً يدّعي أنه يقوم على الشريعة الإسلامية. يدعو البرنامج إلى أن يستهدف الإنفاق العام البنية التحتية ورأس المال البشري من خلال تمويلها من أموال الزكاة. وينصّ البرنامج الاقتصادي لحزب النور أيضاً على ضرورة إنفاق 4 في المئة على الأقلّ من الناتج المحلي الإجمالي في مصر على البحث والتطوير، ويؤكّد على أهمية وجود تكتّلات اقتصادية إقليمية عربية وإسلامية لزيادة حجم التجارة البينية العربية.
 
حزب النور يدعو إلى سياسات إيجابية لقطاع الأعمال عموماً، لكنه يرفض قبول عمليات المصارف التجارية التقليدية، والتي تشمل الفائدة. ويزعم الحزب أن الفائدة تناقض الشريعة، وبالتالي ينبغي الاستعاضة عنها بالتمويل الإسلامي.
 
وفي ماعدا هذه الوصفات، لايقدّم البرنامج الاقتصادي لحزب النور رؤية متكاملة للوسائل التي ينبغي على الاقتصاد المصري أن يتصدّى بها للتحدّيات المعقّدة التي تواجهه، كما أنه لايقترح بدائل واضحة وعملية على صعيد السياسات للتغلّب على التحدّيات المباشرة مثل الفقر والبطالة وانخفاض الإنتاجية.

الأحزاب اليسارية 

هناك عدد من الأحزاب ذات التوجّه اليساري التي تأسّست بعد الثورة، وهي، إلى حدّ ما، أقلّ ملاءمة لأجندة القطاع الخاص. يضم التحالف الشعبي الاشتراكي عدداً من هذه الجماعات اليسارية، أبرزها حزب التجمّع. ويلتزم التحالف بدولة الرفاهية الاجتماعية التي توفّر الرعاية الصحية المجانية والتعليم. ويدعو برنامجه الاقتصادي إلى وضع حدّ لمبادرات الخصخصة. فضلاً عن ذلك، يطالب التحالف بإعادة هيكلة شبكات الأمان الاجتماعي، بحيث يمكن للإنفاق الاجتماعي أن يستهدف الفقراء بدلاً من دعم السلع التي يستهلكها جميع المستهلكين بغضّ النظر عن مستوى دخلهم.
 
أُسِّس حزب الكرامة على يد حمدين صباحي، وهو عضو سابق في البرلمان يرى أنه اشتراكي يسير على خطى جمال عبدالناصر. وكان صباحي أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية في العام 2011، وحلّ في المركز الثالث في الجولة الأولى. ويؤكّد حزبه على الدور التنموي للدولة، ويدعو إلى أن تسيطر الحكومة على وسائل الإنتاج. وتنظر الكثير من الشركات الكبرى إلى هذه السياسات بنوع من العداء، إذ ترى أن حزب صباحي يدعو إلى تأميم الشركات الكبرى.
 
يصرّ حزب الكرامة أيضاً على ضرورة ألا تقبل مصر القروض الخارجية من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، إلا إذا كانت تشتمل على نقل التكنولوجيا، لكنه يقبل الاقتراض من الدول العربية ويدعو إلى التكامل الاقتصادي العربي.

تجسير فجوة الثقة بين الحكومة ورجال الأعمال

لاتزال الحكومة الحالية تحاول طمأنة قطاع الشركات الخاصة بجدارتها الاقتصادية من خلال اتّخاذ خطوات لاستئناف عملية النمو الاقتصادي من جديد والحدّ من غموض السياسات. على سبيل المثال، استمرّت الحكومة في محاولة المضيّ قدماً مع صندوق النقد الدولي بشأن اتفاق الحصول على قرض، من دون أن تحقق نجاحاً يُذكَر حتى الآن، كما تحرّكت لتسهيل عقد الشراكات بين القطاعين الخاص والعام.
 
مع ذلك، يهدّد كلٌّ من ضعف الشفافية بشأن القضايا المهمة، مثل إلغاء الدعم الحكومي والشروط الخاصة بقرض صندوق النقد الدولي، وغياب رؤية اقتصادية واضحة المعالم وسياسة واضحة في مايتعلق بالشركات التي استفادت بشكل غير عادل من نظام مبارك، بتقويض الرسالة الإيجابية التي تحاول الحكومة إيصالها. لذ، يجب الأخذ في الاعتبار أن حركة الإخوان المسلمين تحاول تجنّب بلورة موقف واضح مؤيد للسوق ولقطاع الأعمال. فهي تخشى من أن يؤدّي القيام بذلك إلى استعداء قاعدتها الانتخابية، التي تتألف أساساً من مجموعات من الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة، الذين يعيش معظمهم في المناطق الريفية التي لديها تصوّرات سلبية عن القطاع الخاص.

قرض صندوق النقد الدولي

حتى كتابة هذه السطور، أحرزت الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي تقدّماً معقولاً في اتجاه الاقتراب من التوصّل إلى اتفاق بشأن قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار. ومع ذلك، لم يتوصّل الجانبان إلى اتفاق بعد. وإذا ما أُنجِز القرض، فإنه يمكن أن يشجّع مصادر التمويل الأخرى وتدفّق رؤوس الأموال إلى البلاد. ويرى وزير المالية السابق، سمير رضوان، أن من شأن تدفّق رؤوس الأموال أن يساعد في زيادة مستوى الاستثمار المحلي من النسبة المنخفضة الحالية البالغة 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلى نحو 25 في المئة. وبذلك، يعادل الفرق نحو 10 مليارات دولار سنوياً. 29
 
يعكس الجدل الدائر حول قرض صندوق النقد الدولي اختلاف وجهات النظر بشأن مستقبل مصر الاقتصادي عموماً. فبعض المراقبين والناشطين السياسيين يعتقدون أن الموافقة على القرض ستكون مؤشّراً للمستثمرين على أن العناصر الأساسية للسياسات الاقتصادية في مصر ستظل ثابتة، الأمر الذي يفضي إلى زيادة الثقة فيها. غير أن جماعات سياسية أخرى تبدو أكثر قلقاً تجاه الآثار السلبية التي يظهر أنها تؤبّد السياسات الاقتصادية لعهد مبارك.
 
لابل إن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك، متّهماً حزب الحرية والعدالة الحاكم بالخضوع إلى شروط صندوق النقد الدولي، والتخلّي عن جمهوره الأساسي لصالح مجتمع الأعمال. 30  يظهر هذا النقاش الوسائل التي تكون فيها الأولوية للسياسة على القضايا الاقتصادية الخطيرة في مصر، وهي الحقيقة التي انعكست في عملية صنع القرار، وأخّرت الإصلاحات الجادّة في مجالات مثل الإنفاق الاجتماعي والدعم والقطاع العام، والتي تشكّل أكثر من 70 في المئة من ميزانية الحكومة.

التنسيق مع القطاع الخاص

يحاول الرئيس المصري الوصول إلى مجتمع الشركات التجارية. 31 والواقع أن الرئيس مرسي شكّل لجنة للاتصال بين مكتبه وبين ممثلي قطاع الشركات الخاصة. تضمّ هذه اللجنة مستثمرين من المؤسّسات التقليدية في القطاع الخاص وأعضاء الجمعية المصرية لتنمية الأعمال. يقول حسن مالك، المتحدث باسم اللجنة، إنها تهدف إلى تطوير أفكار في السياسة من شأنها أن تطلق الاقتصاد والتخطيط للمستقبل وتفعّلهما، من خلال إجراء دراسات استراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية على المدى الطويل.
 
يكمن جزء من خطة مرسي في تشجيع القطاع الخاص المصري على التطلّع إلى الخارج. فخلال زيارة قام بها أخيراً إلى الصين وتركيا، رافقت مرسي مجموعة من رجال أعمال من الشركات المهتمة بإقامة فرص الأعمال واستكشافها في هذه البلدان. 32 اعتبر مجتمع الأعمال هذا التطور إيجابياً، في حين اعتبرته بعض جماعات المعارضة والمؤسّسات الصغيرة والمتوسطة سلبياً، حيث اتّهمت الرئيس بمحاباة مجتمع الشركات الكبيرة على حساب أصحاب المصلحة الآخرين. وقد تفاقمت هذه الشكاوى بسبب انعدام الشفافية بشأن كيفية اختيار رجال الأعمال الذين رافقوا الرئيس. 33
 
أعرب بعض رجال الأعمال عن عدم رضاهم عن الآراء التي قدمها مرسي حول الاقتصاد خلال هاتين الزيارتين. وهم يرون أن الرئيس عمد إلى تلطيف بيئة الأعمال في مصر، متغاضياً عن الروتين والفساد والتعتيم الذي لايزال موجوداً، ناهيك عن استمرار غياب القدرة على التنبّؤ وانعدام الأمن. ونتيجة لذلك، يقولون إن من السذاجة أن نتوقع تحسّن الاستثمار الأجنبي المباشر، بغضّ النظر عن جولة حسن النوايا التي قام بها مرسي. وقبل مناشدة العالم الخارجي، يرغب رجال الأعمال في رؤية الحكومة وهي تعمل على تحسين بيئة الأعمال في مصر، وإرساء الظروف التي من شأنها تحفيز القطاع الخاص المصري على ضخّ الأموال في الاقتصاد المصري.
 
لايشترك حزب الحرية والعدالة في هذه النظرة، بل يعتقد أن إقالة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وانتخاب مرسي أدّيا إلى تخفيف حالة عدم اليقين. ويدّعي الحزب الحاكم أن هذه التدابير قد وضعت حدّاً لهذه الازدواجية التي ابتُليَت بها عملية صنع القرار في أعقاب الثورة، وأسفرت زيادة القدرة على التنبّؤ السياسي عن آثار اقتصادية إيجابية، مثل زيادة مكاسب سوق الأوراق المالية المصرية التي زادت عن 20 في المئة في الفترة بين حزيران/يونيو وكانون الأول/ديسمبر 2012.
 
مع ذلك، أظهر الأداء الاقتصادي في الآونة الأخيرة أن درجة عدم اليقين لاتزال مرتفعة، علماً أن ثقة المصريين تتدهور مع انخفاض قيمة الجنيه المصري وخفض درجة التصنيف الائتماني للبلاد.
 

تعزيز الشراكات بين القطاعين الخاص والعام

حاولت الحكومات بعد الثورة استكشاف خطط جديدة يمكن من خلالها إشراك القطاع الخاص في توفير السلع العامة، مثل البنية التحتية. وتستند هذه المؤسّسات إلى قانون الشراكات بين القطاعين الخاص والعام الذي تمت الموافقة عليه في عهد مبارك في العام 2010. 34
 
اقترحت الحكومة الحالية، برئاسة قنديل، أن يستثمر القطاع الخاص في البنية التحتية للمرافق العامة مثل الكهرباء والمياه. على سبيل المثال، شجّعت الحكومة الاستثمارات الخاصة في مجال توليد الطاقة للتعويض عن العجز الذي نتج عنه انقطاع الكهرباء بصورة متكرّرة خلال فترات الذروة. ويمكن للمحطات الخاصة المُشارِكة في هذا المشروع أن تبيع الكهرباء مباشرة للمستهلكين باستخدام الشبكة الوطنية مقابل رسوم معقولة.
 
عدّلت مصر أيضاً القوانين التي تنظّم الشراكات بين القطاعين الخاص والعام للسماح بحلّ النزاعات عن طريق التحكيم بدلاً من اللجوء إلى نظام المحاكم المصرية. وأدّى هذا إلى خفض بعض الحوافز السلبية الحالية للمستثمرين من خلال تعديل قوانين التحكيم لضمان أن تكون الصلاحيات التنفيذية مشتركة، وابتكار إجراءات تحكيم أكثر كفاءة. كما سدّت هذه التعديلات بعض الثغرات التي برزت فجأة على مرّ السنين، وشجّعت على مزيد من الشفافية في تقييم أتعاب المحكّمين. كما طمأنت المستثمرين بأن تأميم الصناعات الرئيسة، وهو الإجراء الذي يحظى بدعم العديد من الأحزاب السياسية، ليس أحد الخيارات التي ستلجأ إليها الحكومة.
 
كان الهدف من قانون الشراكات بين القطاعين العام والخاص هو أن يحلّ محلّ نظام آخر للشراكة بين القطاعين، قام فيه القطاع الخاص بإنشاء وتشغيل بعض مشاريع البنية التحتية التي تم نقلها إلى الحكومة بعد فترة مُتّفَق عليها. اعتمد هذا النظام المعروف باسم "البناء والتشغيل والنقل" BOT أو "البناء والتملك والتشغيل والنقل" BOOT، على نطاق واسع في مشاريع البنية التحتية المصرية خلال تسعينيات القرن المنصرم. وقد كشفت المقابلات مع قادة الأعمال أن القطاع الخاص يحتاج إلى شروط قانونية واضحة يمكنه أن يؤسّس عليها عملية شفافة لتنفيذ بعض مشاريع الشراكة المطلوبة بين القطاعين الخاص والعام. 

تمويل المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة

وعدت الحكومات المصرية المتعاقبة منذ فترة طويلة بتمويل المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة. 35 في آذار/مارس 2011، أعلن رئيس الوزراء آنذاك عصام شرف من خلال وزير المالية، سمير رضوان، أن بنك القاهرة (واحد من أربعة بنوك عامة تواجه صعوبات مالية اشتراها بنك مصر) سيخصَّص للمؤسّسات الصغيرة والمتوسطة. لكن هذا المشروع لم يتحقّق. في تشرين الأول/أكتوبر 2012، أعلن البنك الأهلي المصري أنه يتوقع إنشاء أول بنك في البلاد متخصّص في تقديم القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومع ذلك، لم تُوَضَّح خطة التنمية الخاصة به. 
 
يقول طارق عامر، رئيس البنك الأهلي المصري، إنه من المتوقع أن تشهد مصر ولادة أول مصرف متخصّص في تقديم القروض للمؤسّسات الصغيرة والمتوسطة لتطوير المؤسّسات في مصر في غضون ست سنوات. وسيتمكن المصرف الجديد من الوصول إلى رؤوس أموال تصل إلى 8.3 مليارات دولار، وسيشكّل جزءاً من البنك الأهلي المصري. وستكون هذه خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح، باعتبار أن عدم إتاحة التمويل يمثّل إحدى أكبر العقبات الحالية لتوسيع المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة. وفي حين أن هناك العديد من الصناديق التي تعمل حالياً في مصر وتقدّم القروض لهذه المؤسّسات، لايزال هناك نقص في تمويل المؤسّسات الجديدة المبتدئة.
 
كما تعيق شروط الضمان العالية ومتطلباته، في ظل وجود تحيّز لصالح العقارات والميل إلى منح القروض في القاهرة الكبرى بصورة غير متناسبة، إضافة إلى إهمال المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة في بقية أنحاء البلاد، إمكانيةَ الوصول إلى التمويل.

إستجابة القطاع الخاص

ظلت استجابة شركات القطاع الخاص لمحاولات الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لتحفيزها، ضعيفة حتى الآن، قياساً على الاستثمارات أو المبادرات الجديدة. فلاتزال هناك درجة عالية من التشكّك بين المؤسّسات الخاصة الكبيرة، والتي يبدو أنها تكتفي بالانتظار في الوقت الحالي. 36  وقد أدّت الإشارات المتناقضة من جانب الحكومة إلى تخفيف حماسة القطاع الخاص.
 
وفقاً للبيانات التي نشرتها وزارة التنمية الاقتصادية، انخفض الاستثمار الخاص من 35.8 مليارات دولار في الفترة 2008-2009، إلى 18.3 مليارات دولار في 2011-2012. ومن كل الاستثمارات التي تمّت في 2011-2012، جرى توجيه 28.8 في المئة (5.29 مليارات دولار) نحو قطاع النفط الخام والتعدين والغاز الطبيعي، و26.3 في المئة (4.83 مليارات دولار) نحو قطاع الإسكان والعقارات، و18.9 في المئة (3.46 مليارات دولار) نحو قطاع النقل والاتصالات (بما في ذلك قناة السويس). وكانت استثمارات القطاع الخاص الموجّهة نحو الخدمات المالية والتأمين والرفاه الاجتماعي، محدودةً بشكل ملحوظ. 37
 
أما في مايتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر، فتبدو الصورة أسوأ. تكشف أرقام من السنوات الخمس الماضية أن هذه الاستثمارات بلغت 2.2 مليار دولار في الفترة 2007-2008، في حين بلغت التدفقات الداخلة 2.9 مليارات دولار، والخارجة 747 مليون دولار فقط. في الفترة 2011-2012، انخفضت التدفّقات الداخلة إلى 1.5 مليارات دولار، وزادت التدفّقات الخارجة إلى 1.2 مليار دولار. وهذا يعني أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بلغ 359 مليون دولار فقط، وهو أدنى مستوى له في السنوات الستّ الماضية.
 
تشير هذه الأرقام إلى أن المستثمرين الدوليين لايزالون حذرين جداً من الاستثمار في السوق المصرية. ومع ذلك، يشير بعض اللاعبين إلى رغبة جادّة في الاستثمار على المدى الطويل. فقد أعلنت هيئة الاستثمار القطرية أخيراً أنها تخطط لاستثمار نحو 18 مليار دولار في مصر، كما أعلنت قطر عن رغبتها في الاستحواذ على حصة جديدة بقيمة 9 مليارات دولار في مشروع ميناء مشترك على البحر المتوسط قرب المدخل الشمالي لقناة السويس.
 
وثمة خمسة أسباب رئيسة وراء شكوك القطاع الخاص المحلي والدولي وإحجامه عن الاستثمار في مصر. الأول هو الإدارة الشاملة للاقتصاد، حيث يبدو أن الحكومة راضية عن العجز المتنامي في الميزانية، في حين أن الاقتصاد يتباطأ. الواقع أن العجز في الميزانية الحالية، والذي يقدَّر بنحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، يهدّد الاستقرار الاقتصادي ويقلّص الخيارات السياسية المتاحة للحكومة. فضلاً عن ذلك، يرى مجتمع الأعمال أن بعض التدابير الحكومية، مثل الترحيب بالمستثمرين الأجانب واقتراض الأموال من الخارج، شكلية وتمثّل التفافاً على القضايا الجوهرية كانخفاض الإنتاجية، وارتفاع تكاليف المعاملات المرتبطة بممارسة الأعمال التجارية في مصر. 38
 
أما العامل الثاني الذي يساهم في خوف القطاع الخاص، فيكمن في غياب مبادئ توجيهية واضحة لإشراك القطاع العام. وثمة العديد من المسائل المبهمة التي يبقى على صنّاع القرار أن ينظروا فيها. وفي حين تبدو بعض المفاهيم مثل العدالة الاجتماعية جذّابة، ثَبُت أن ترجمة هذه الأهداف إلى سياسات فعليّة صعبة للغاية. على سبيل المثال، لايقدّم مشروع النهضة الذي طرحته جماعة الإخوان المسلمون أي مؤشّر على الطريقة التي تعتزم بها تحقيق أهدافه الطموحة، بما في ذلك خفض معدّلات البطالة، وتعزيز العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين مستويات المعيشة، ودعم المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة والقطاع الزراعي، في وقت يعاني الاقتصاد من محنة. 39
 
ويرتبط العامل الثالث بـ"الاقتصاد الخفي"، أي ذلك الجزء من الاقتصاد الذي يمتلكه الجيش. 40  تشير التقديرات إلى أن الجيش يسيطر على 20 إلى 40 في المئة من الاقتصاد الوطني. ويعكس الهامش الواسع لهذا التقدير ندرة المعرفة وانعدام الشفافية المحيطة بالمسألة. وتتمتّع الشركات المملوكة للجيش، كما حالها الآن، بمعاملة ضريبية تفضيلية، وتُدعَم من خلال المساعدة المالية التي تحصل عليها من ميزانية الدفاع.
 
وللتشجيع على زيادة استثمارات القطاع الخاص، يجب أن يكون هناك تمييز واضح بين المجالات التي يسيطر عليها الجيش، وبين تلك التي يسيطر عليها القطاع الخاص، ولاسيّما في قطاعَي الزراعة والصناعات الزراعية، حيث يملك الجيش العديد من المصانع والمرافق ويتمتّع بميزة تنافسية غير عادلة بسبب الدعم المباشر والخفي. ومن شأن الكشف عن هذه المعلومات أن ينعكس إيجاباً على التزام أي حكومة جديدة بالشفافية، ويبيّن إلى أي مدى هي مستعدّة لمنح فرص متكافئة للمستثمرين.
 
أما إذا اختارت الحكومة التلطّي وراء شعار "الأمن القومي"، فإنها تشير بذلك إلى أنه سيكون لزاماً على شريحة كبيرة من القطاع الخاص أن تركّز فقط على "القطاعات الآمنة"، مثل الإنشاءات أو توفير الخدمات، وتجنّب الاستثمار الذي ينطوي على خطر حدوث صراع مع الجيش. ويثير وجود هذا الاقتصاد الخفيّ الشكوكَ حول صدقيّة سيادة القانون في مصر. ومن سوء الحظ، وفقاً للباحث الأول في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، يزيد صايغ، أن الدستور الجديد الذي أُقِرّ في العام 2012 منح المؤسّسة العسكرية حصانة أكثر من السابق بشأن الإفصاح العلني. 41 
 
ويتمثّل العامل الرابع في ارتفاع تكلفة العمل الجماعي. على سبيل المثال، أضرب مضيفو ومضيفات شركة مصر للطيران لمدة اثنتي عشرة ساعة في 7 أيلول/سبتمبر 2012، للمطالبة بتحسين ظروف العمل. كلّف الإضراب الشركة حوالى مليون دولار. هذا ولايزال معلّمو المدارس مضربين منذ 9 أيلول/سبتمبر 2012، اليوم الأول من العام الدراسي الجديد، ويطالبون بتطبيق حدّ أدنى للأجور بواقع 500 دولار شهرياً. وفي 15 أيلول/سبتمبر 2012، أعلن عمال الجامعة وسائقو الحافلات إضراباً مُطالبين بتحسين ظروف العمل.
 
أصابت هذه الإجراءات المستثمرين المحليين والدوليين بالقلق لأنها تزعزع الوضع الاقتصادي المحلي، إذ لم يكن القطاع الخاص قادراً على التعامل مع الحركات العمالية لتقليل عدد الإضرابات أو التخفيف من آثارها المالية السلبية. ولايوجد قانون ينظّم العمل الجماعي، وهو بهذا الوصف متفرّق وخارج عن نطاق السيطرة. ويؤكّد بعض قادة الأعمال على ضرورة إدخال مثل هذه القوانين كي يكون العمل الجماعي منظّماً وقانونياً.
 
وأخيراً، تساهم الديناميكيات داخل القطاع الخاص في مصر، مثل ازدياد المنافسة بين مختلف المجموعات التجارية وضعف الثقة بين قادة القطاع الخاص، في تحفّظ مجتمع الأعمال على الاستثمار في السوق المصرية. وهذه هي على وجه الخصوص حال المجموعات التجارية الجديدة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، والمدى الذي يرجّح أن تؤثّر فيه على عملية صنع السياسات. وعزّزت الشكوك بشأن العلاقات الوثيقة بين هذه المجموعات التجارية والحكومة، حقيقة أن صلة الوصل بين الرئيس والقطاع الخاص كان حسن مالك الذي ينتمي إلى حزب الحرية والعدالة. ويلتقي خيرت الشاطر، الذي كان المرشّح الرئاسي لجماعة الإخوان المسلمين قبل تنحيته في العام 2012، مستثمرين دوليين من الصين وتركيا بصفته الشخصية. ومع ذلك، من الأمور الثابتة أنه مؤثّر في دوائر صنع القرار.
 
يخشى العديد من المستثمرين من أن جمعيات القطاع الخاص التي أُنشِأت أخيراً هي نسخ مشابهة لتلك التي كانت قائمة في نظام مبارك، إذ يجري تشكيل تحالفات بين النخب السياسية الجديدة ومجتمع الأعمال الناشئ. ومن شأن هذا الأمر أن يؤدّي إلى ظهور ترتيبات مؤسّسية جديدة وخطر نشوب صراع محتمل بين هذه المنظمات الجديدة وبين المؤسّسات التقليدية التي تمثّل الحرس القديم في القطاع الخاص المصري.

طريق المستقبل

يجب التصدّي لمخاوف القطاع الخاص وشواغله بهدف استعادة النمو في الاقتصاد المصري. هناك ثلاث جهات فاعلة رئيسة يجب أن تشارك في عملية استعادة النمو: الجهة الأولى هي القطاع الخاص نفسه، ومن ثمَّ الحكومة، وأخيراً منظمات المجتمع المدني والناشطون السياسيون. ويمكن لكلّ صاحب مصلحة أن يؤدّي دوراً في عملية بناء الثقة بين الجهات الثلاث.

القطاع الخاص

يحتاج القطاع الخاص إلى تطوير رؤية اقتصادية عملية ومتّسقة، وتقديمها إلى الحكومة والمجتمع عموماً. ويتعيّن عليه أن يقترح توصيات واقعية في مايتعلّق بالسياسات العامة لتحقيق نمو مستدام قائم على متطلبات السوق مع زيادة فرص العمل والعدالة الاجتماعية. الواقع أن القطاع الخاص لم يضع استراتيجية اتّصال للدفاع عن موقفه وتوضيح مايرمز إليه، أو للتمييز بصورة مقنعة بين مصالح الشركات والمصلحة الوطنية المصرية. على سبيل المثال، تحتاج مؤسّسات القطاع الخاص إلى وضع اتفاقية جديدة تحدّد رؤيتها لتحقيق العدالة الاجتماعية، والضرائب، والمنافسة، والبيئة، وظروف العمل، والحدّ الأدنى للأجور، والتفاوت بين المناطق، وكيفية التغلّب على التحدّيات المتعدّدة التي تواجه مصر حالياً.
 
ظلّ القطاع الخاص حتى الآن في موقف دفاعي، وفشل في إيصال رسالة إيجابية بشأن ماينوي القيام به. فقد عجز عن صياغة مثل هذه الاتفاقية لأن القطاع الخاص يتشكّل من مجموعة متنوّعة من الجماعات المتنافسة التي تفتقر إلى رؤية موحّدة ومتماسكة. وثمّة حاجة أيضاً إلى أن يطلق القطاع الخاص حواراً في بيئة مفتوحة، ويسلّط الضوء على القواسم المشتركة بين عناصر القطاع العديدة.
 
كما يتعيّن على مجالس إدارات منظمات الأعمال المختلفة أن تشجّع الشباب الجدد من أصحاب المؤسّسات للانضمام إلى الهيكل القائم. ويجب أن تُعطى الأجيال الجديدة في مجتمع الأعمال، خصوصاً ذات المستوى المتوسط، الفرصة لعرض وجهات نظرها من خلال مؤسّسات القطاع الخاص القائمة.
 
فضلاً عن ذلك، ينبغي على القطاع الخاص أن يوسّع جهوده لتشمل المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة، وأن يتواصل مع أصحاب المصلحة الآخرين، مثل النقابات العمالية. ومن شأن زيادة عدد الروابط بين الشركات الكبيرة والمؤسّسات الصغيرة والمتوسطة أن يساعد على تحسين صورة القطاع الخاص من خلال إظهار أن القطاع الخاص لم يَعُد يقتصر على بضع شركات كبيرة يُفتَرَض أنها تتواطأ ضد المستهلكين.
 
بعد ذلك، وإلى أن يؤَسَّس البنك الجديد للمؤسّسات الصغيرة والمتوسطة، يتعيّن على القطاع المصرفي تطوير خطط ائتمانية من شأنها أن تشجّع الشركات المبتدئة، وتسهّل توسيع الائتمان ليشمل المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الناجحة. فلايمكن ترك هذه المسؤولية الحاسمة في أيدي الحكومة وحدها.
 
ودائع القطاع الخاص في المصارف في مصر آخذة في الارتفاع، لكن لايزال القطاع العام هو المستفيد الأول من الإقراض من خلال أذون الخزانة. ويبدو أن مشكلة الاختيار لاتزال مؤثّرة، حيث تُوَجَّه معظم الودائع، بما فيها الودائع الخاصة، إلى القطاع العام. ويوفّر هذا القطاع عموماً تقييماً أفضل للمخاطر وضمانات السداد وإمكانيات الرصد.
 
والواقع أن هذا هو أحد المجالات حيث يمكن للقطاع الخاص المساهمة بشكل كبير في تشجيع "الثقافة المصرفية" في مصر. وعموماً، فإن القطاع المصرفي وسوق رأس المال في مصر ليسا متطوّرين، إذ إن نسبة 10 في المئة فقط من المصريين لديهم حسابات مصرفية، ويفضّل مايقرب من 90 في المئة منهم الاقتصاد النقدي، مايجعل من الصعب تقدير حجمه. كما أن أقل من 20 في المئة من الشركات المصرية لديها إمكانية الحصول على الائتمان. 42 وهذا يجعل من الصعب على المصارف الخاصة تقديم الائتمان، نظراً إلى أنه لايمكن استخدام نموذج أعمال مثل هذه المؤسّسات كضمان. ويعدّ هذا أحد المجالات التي أهملتها معظم الأحزاب السياسية، على الرغم من أهميته الحاسمة. فهامش الفائدة الذي يقيس الفرق بين معدّلات الإقراض والودائع مرتفع جداّ في مصر، مايعكس فشل السوق الذي يستوجب شكلاً من أشكال التدخّل من جانب الحكومة لمعالجة العجز في سوق الائتمان.
 
يحتاج القطاع الخاص إلى الانخراط إيجاباً في السياسة من أجل تعزيز قيم معيّنة تنسجم مع أي اتفاق يقترحه. ولذا ينبغي عليه أن يقارب الشخصيات السياسية الرئيسة ويقدم رؤيته إذا أراد أن ينجح في التأثير على النقاش خلال الفترة الانتقالية. ويجب أن تستند المشاركة الإيجابية إلى الميزة النسبية التي يمتلكها كل قطاع. فهذا سيشجّع الدولة على اعتماد سياسة صناعية من شأنها أن تعزّز الشركات الناجحة والقادرة على المنافسة. 43
 
لن تخدم الوسائل التقليدية للضغط على المسؤولين مصالح القطاع الخاص بعد الآن. وهذا هو السبب في أن بعض الأحزاب الجديدة، مثل حزب المصريين الأحرار بزعامة نجيب ساويرس، لديها أجندة اقتصادية أكثر وضوحاً. في المقابل، لم تعتمد معظم الأحزاب السياسية الأخرى التي أُسِّسَت حديثاً رؤية اقتصادية واضحة يمكن أن تروق لجمهور عريض، بما في ذلك النشطاء الشباب والنقابات العمالية. على سبيل المثال، إنشاء بعض مراكز البحث المستقلة لتعزيز نقاش يستند إلى الواقع يبدو أمراً ضرورياً في هذه المرحلة.
 
يتعيّن على القطاع الخاص الشروع في مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات التي تعالج المشاكل الجليّة في مجالات مثل جمع القمامة ووسائل النقل العام. فهذا من شأنه أن يسهم في تحسين صورة القطاع الخاص في عيون المصريين العاديين.

الحكومة

ينبغي أن تكون أولويات الحكومة استعادة الثقة وإدارة التوقّعات والحدّ من الغموض في سياستها. عليها أن تحدّ من غموض سياستها وتقلّل تدخّلها في سوق الائتمان إلى أدنى حدّ ممكن. صحيح أن الحكومة اتّخذت بعض الخطوات في الاتجاه الصحيح، إلا أنه لايزال ثمة مجالات يبدو فيها العمل الجريء ضرورياً. ومن أهم هذه المجالات الإدارة الاقتصادية الشاملة، بما في ذلك الحدّ من العجز المالي بصورة صادقة وموثوقة.
 
تحتاج الحكومة للبدء في إصلاح مؤسّسات القطاع العام التي تتعامل مع المستثمرين. وستتطلّب الإدارة الاقتصادية السليمة إصلاح وتعزيز المؤسّسات المسؤولة عن تنظيم الأسواق، مثل جهاز حماية المنافسة وإدارتَي مراجعة الحسابات ومكافحة الفساد. وتُعَدّ هذه الخطوة مهمة للحدّ من الحواجز الرسمية وغير الرسمية أمام التجارة، ومن شأنها أن ترسل إشارات صحيحة إلى المستثمرين وكذلك الجمهور بوجه عام. وثمّة مسألة أخرى تتعلّق بدور موظفي الخدمة المدنية الذين يتفاعلون مع القطاع الخاص وهيكل الحوافز الخاص بهم. وينبغي وضع حوافز بحيث تعتمد المسارات الوظيفية لموظفي الخدمة المدنية على نجاحهم في تشجيع المؤسّسات الخاصة في إطار سياسات واضحة وحوكمة رشيدة. هذا النوع من هيكل الحوافز ضروري لتحسين موقف موظفي الخدمة المدنية المصرية تجاه القطاع الخاص.
 
كما يتعيّن على الحكومة الحدّ من الممارسات التقديرية في تنفيذ السياسات، كي تُطَمئِن المستثمرين وروّاد الأعمال. فأمام حكومات مابعد الثورة فرصةٌ لإرسال الإشارات الصحيحة وتجنّب ممارسات نظام مبارك التي استندت إلى المحسوبية، وقلّلت من أهمية المنافسة والإبداع. ومن المهم للغاية خصوصاً أن يُطَبَّق قانون المنافسة من خلال بناء القدرات المؤسّسية ورفع مستوى الوعي.
 
فضلاً عن ذلك، من شأن إصلاح وترشيد البيروقراطية المسؤولة عن الإشراف على المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة أيضاً أن يقطع شوطاً طويلاً لزيادة ثقة المستثمرين. ثمة خمس مؤسّسات حكومية على الأقل معنيّة في عملية الإشراف هذه. وبغية تجنّب حدوث تداخل وتضارب، ينبغي وضع هيئة تنسيق مشتركة بين الوزارات تحت سلطة مكتب حكومي رفيع المستوى. ويمكن لتلك الهيئة أن تعمل بصفة لجنة يرأسها رئيس الوزراء، تُركِّز على المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة.
 
كما لابد للحكومة من اعتماد سياسة استباقية لكشف المعلومات بهدف استعادة ثقة القطاع الخاص والجمهور عموماً. على سبيل المثال، لاتنشر الهيئة العليا للرقابة المالية في مصر تقاريرها للجمهور. وفي معظم الأحيان لاتُنشَر الميزانية ومراجعة حسابات الهيئات الحكومية والهيئات العامة والصناديق الخاصة. ومن شأن زيادة الشفافية أن تعزّز صدقية الحكومة وتقدّم نقيضاً إيجابياً لممارسات النظام القديم.
 
إضافة إلى ذلك، سيؤدّي تعزيز اللامركزية إلى تمكين المجتمعات المحلية، وسيساعد في وضع استراتيجيات للوصول إلى الفئات والمناطق المستهدفة والمحرومة. كما يمكن تحقيق هذه الأهداف من خلال الابتعاد عن هياكل الحوكمة المركزية، ومنح السلطات المحلية مسؤوليات أكبر، وإشراك القطاع الخاص في بناء المجتمع والخدمات العامة. ويمكن استخدام بطاقة أداء يضعها بعض أصحاب المصلحة في القطاع الخاص على مستوى المجتمع المحلي، وربطها بتنفيذ المؤسّسات الجديدة. وسيكون ذلك بمثابة علامة على شكل جديد من الحوكمة يمكن تطبيقه على المسؤولية الاجتماعية للشركات الخاصة ومشاريع الأشغال العامة كجزء من البرامج الشاملة التي سيجري تقديمها. أما في المدى المتوسط، فيمكن للقطاع الخاص أن يساهم في الحدّ من مشاكل الطاقة والبنية التحتية، من خلال أخذ زمام المبادرة في بعض المؤسّسات التي تقترحتها الحكومة، وفقاً لترتيبات واضحة للشراكات بين القطاعَين الخاص والعام.
 
لابد للحكومة أيضاً من تعديل قانون العمل فوراً لاستيعاب وتكييف العمل الجماعي والحوار الاجتماعي، الأمر الذي من شأنه إضفاء الطابع المؤسّسي على الاحتجاجات العامة، وتقليل تكلفتها على الحكومة والمجتمع. كما على الحكومة أن تنهي دورها في منظمات القطاع الخاص القائمة، وأن تسمح لها بانتخاب أعضائها وقادتها بدلاً من الاعتماد على التعيينات والتمويل الحكومي.
 
وأخيراً، يتعيّن على الحكومة مساعدة السكان على التمييز بين كبار رجال الأعمال الجشعين الذين استفادوا من الفساد الذي تفشّى على نطاق واسع في عهد مبارك وبقية القطاع الخاص. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إطلاق عملية عدالة انتقالية موثوقة تأخذ الجريمة الاقتصادية بعين الاعتبار.

المجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى

تميل الجهات الفاعلة الأخرى، المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية بصورة رئيسة، إلى التركيز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية. وسيكون الهدف الرئيس لهذه المنظمات في الاقتصاد المصري الجديد تيسير إجراء نقاش واعٍ من خلال توفير بيانات موثوقة حول التحدّيات الاقتصادية التي تواجه مصر.
 
مع أنه سيكون من الصعب التوصّل إلى توافق في الآراء بين العديد من المنظمات العاملة في هذا المجال، يجب أن تتمكّن من الاتفاق على عدد من المعايير لقياس الأداء الحكومي. على سبيل المثال، "مرسي ميتر" هي مبادرة أُطلِقَت لقياس أداء الرئيس في عيون الشعب المصري خلال أول مئة يوم له في المنصب. 44 وتستطلع المبادرة آراء المواطنين المصريين وتسألهم عن تقييمهم لأداء الرئيس في مايتعلق ببعض التعهّدات التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية.
 
من الممكن تقديم جهود مماثلة لقياس درجة التزام القطاع الخاص بالحوكمة الرشيدة والمعايير البيئية، مع أنه يجب توخّي الحذر لتجنّب سوء استخدامها من جانب بعض الأحزاب السياسية. ويمكن التخفيف من المخاطر من خلال اختيار مجموعة من المعايير التي يتم رصدها بطريقة شفّافة، مايحدّ من أشكال القياس الاعتباطية.
 
ويمكن لمنظمات المجتمع المدني تعزيز الحوار الواعي والمستنير من خلال دراسة الأجندة الاقتصادية للأحزاب السياسية، وتزويد الجمهور بخلاصة للنقاط الرئيسة التي تغطيها، وكذلك النقاط التي تغفلها. ويمكن أن تركّز الخلاصة على قضايا مثل الدعم والمنافسة والفقر والتفاوت بين المناطق. 
 
ويمكن لهذه المنظمات أن تساعد أيضاً في تسهيل الاتصال بين المجتمعات المحلية، ولاسيما في المناطق الريفية والمناطق الفقيرة، وبين القطاع الخاص، وذلك في مايتعلّق بالاحتياجات التي يمكن معالجتها عن طريق مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات. الواقع أنه سيكون للمبادرات التي تستهدف المناطق التي تعاني من اختناقات في التعليم والمياه وتوفير الكهرباء، على وجه الخصوص، تأثير فوري، وستساهم في تحسين صورة القطاع الخاص. كذلك، يتيعّن على المجتمع المدني التأكيد على أهمية تمكين المستهلك المصري من خلال التشجيع، على سبيل المثال، على تشكيل جمعيات المستهلكين ورفع مستوى الوعي بالمعايير والمواصفات. وقد تجد الشركات في القطاع الخاص أن من مصلحتها دعم هذه المنظمات، وهو ما من شأنه طمأنة الجمهور حول استعدادها للتقيّد بالمعايير التنافسية للممارسة.
 
وثمة مجالات أخرى يمكن فيها لمؤسّسات المجتمع المدني أن تساعد في تعزيز النقاش العام. على سبيل المثال، ينبغي أن تكون النتائج التي توصّلت إليها منظمات مثل المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي يوثّق الاحتجاجات العمالية في مصر، ويقدّم بعض وجهات النظر المثيرة للجدل بشأن السياسات المعتمدة، 45  موضوعاً للنقاش. لكن حتى الآن، لم يُبذَل سوى القليل من الجهود في هذا الصدد.
 
في المدى الطويل، لابد من إقامة شراكة بين القطاعَين العام والخاص لإحداث تغيير عميق في النظم التعليمية والتدريبية. وفي هذا السياق، يجب إعادة النظر في صندوق التدريب المذكور في قانون العمل للعام 2003، بغية إنشاء مؤسّسة مستقلة مسؤولة عن تكوين المهارات في البلاد ككل، بمشاركة القطاع الخاص. ينبغي أيضاً إجراء إصلاح شامل لهيكل الأجور السائد، كما لابد من أن يحلّ تعريف أكثر وضوحاً للمهن والروابط بين الأجور والإنتاجية محلّ الفوضى الحالية لسياسة الأجور.
 
يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تعمل للضغط على الشركات متعدّدة الجنسيات كي تتقيّد بالمعايير الأساسية لحقوق العمال. فالمكاتب الرئيسة للعديد من هذه الشركات التي لها فروع في مصر موجودة في الدول الأوروبية، حيث أنها ملزمة بمعايير المسؤولية الاجتماعية، مثل المبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن المسؤولية الاجتماعية للشركات. ينبغي أن تلتزم الشركات المتعددة الجنسيات بهذه المعايير الدولية لحماية حقوق العمال في الفروع التابعة لها في الخارج، وبهذه الطريقة ستكون قدوة حسنة لنظيرتها المصرية. 46
 
الواقع أن هذه العملية تنطوي على مخاطر كبيرة، إذ يبدو أن إمكانية تحقيق تقدّم على الجبهة السياسية ستتضاءل أكثر فأكثر، إذا ما استمر الوضع الاقتصادي في مصر بالتدهور. فالقطاع الخاص له دور مهم يؤدّيه في تجنّب حدوث مثل هذه الأزمة، غير أن ثمّة حاجة لحسن النية والمشاركة النشطة من جانب جميع أصحاب المصلحة. فالفشل في التوصّل إلى إجماع وطني حول كيفية المضي قدماً في المجال الاقتصادي سيقوّض بشكل خطير الديمقراطية الوليدة في مصر، وهو التطور الذي سيعود بالنفع على قوى التطرّف فقط.

نبذة عن الكاتبَين

إبراهيم سيف هو وزير التخطيط والسياحة الأردني الحالي. قبل تولّيه هذا المنصب، عمل باحثاً أول في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، حيث تمحورت أبحاثه حول الاقتصادات الانتقالية، والتجارة الدولية، مع التركيز على الأردن والشرق الأوسط، والحوكمة المؤسسية، واقتصاد سوق العمل. كما عمل سيف مستشاراً لمنظمات دولية عديدة.
 
قبل انضمامه إلى كارنيغي، شغل سيف منصب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية. وضع سيف كتاباً بعنوان "الاقتصاد الأردني في بيئة متغيّرة" Jordanian Economy in a Changing Environment، كما نشر مقالات في مجلات عديدة، منها مجلّتَي Middle East Law and Governance Journal وJournal of Middle Eastern Geopolitics.
 
أحمد فاروق غنيم هو أستاذ اقتصاد في جامعة القاهرة، وباحث زميل في منتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية وإيران وتركيا، في القاهرة، مصر، وفي مركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية في بولندا. يعمل غنيم أيضاً مستشاراً للعديد من المنظمات الدولية والإقليمية، منها البنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأغذية العالمي. يحمل غنيم شهادة الدكتوراه في الاقتصاد، وتشمل اهتماماته البحثية السياسات التجارية، وتجارة الخدمات، والتكامل التجاري الإقليمي، والنظام التجاري متعدّد الأطراف، إضافةً إلى منظمة التجارة العالمية، والمنافسة، واقتصاد حقوق الملكية الفكرية. وقد تناول هذه المواضيع في منشوراته على نطاق واسع. فضلاً عن ذلك، تولّى مناصب مختلفة لها صلة بالسياسات، وقدّم المشورة لعددٍ من الحكومات في مختلف شؤون السياسات التجارية، كما ساهم في برامج بناء القدرات في عددٍ من البلدان.
 
                                                ***
يودّ الكاتبان إزجاء الشكر إلى الباحث المساعد في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، مصطفى أسعد، على مساهمته الكبيرة في إعداد هذه الدراسة.
 

 هوامش:

1. تجلّى هذا باضطلاع حسن مالك بدور رئيس لجنة الأمانة العامة للمؤتمر بين ممثلي القطاع الخاص وهيئة الرئاسة. كما أشاد رئيس "الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي"، محمد البلتاجي، بقرار تعيين فياض عبدالمنعم وزيراً للمالية، مع أنه ليست لديه أي خبرة سابقة في الحكومة. وقد انتقد رئيس الوزراء هذا القرار.

2. جويل بينين، "صعود عمّال مصر"، أوراق كارنيغي، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، حزيران/يونيو 2012.
http://www.carnegie-mec.org/2012/06/28/%D8%B5%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D8%B9-%D9%85-%D8%A7%D9%84-%D9%85%D8%B5%D8%B1/d0y8

3. Nadine Abdalla, “As Egypt’s Labor Protests Increase, Is an Organized Labor Movement the Solution?” Atlantic Council of the United States, August 1, 2012, www.acus.org/egyptsource/egypt%E2%80%99s-labor-protests-increase-organized-labor-movement-solution.

4. World Bank, “Population Growth Rate: Egypt” October 31, 2012, www.google.com.lb/publicdata/explore?ds=d5bncppjof8f9_&met_y=sp_pop_grow&idim=country:EGY&dl=en&hl=en&q=population+growth+egypt.

 5. Central Bank of Egypt, “International Reserves and Reserve Template,” June 2012, www.cbe.org.eg/sdds_excel/InternationalReserves.htm.

6. البنك المركزي المصري، التقرير السنوي، 2011.

7.Patrick Werr, “Egypt Pound Hits Record Low Under New Currency Regime,” Reuters, December 30, 2012, www.reuters.com/article/2012/12/30/us-egypt-currency-idUSBRE8BS09620121230.

8. “S&P Downgrades Egypt Credit Rating on ‘Elevated’ Tensions,” Al Arabiya News, December 24, 2012, http://english.alarabiya.net/articles/2012/12/24/256887.html.

9. “Standard and Poor’s Downgrades Egypt on Reserves, Politics,” Al-Ahram Online, February 10, 2012, http://english.ahram.org.eg/NewsContent/3/12/34177/Business/Economy/Standard-and-Poors-downgrades-Egypt-on-reserves,-p.aspx.

10. محمود الشندويلي، "د‏.‏ سمير رضوان‏:‏ منتدى لرجال الصناعة يجتمع دورياً بوزارة المالية"، الأهرام المسائي، شباط/فبراير 2011.
http://massai.ahram.org.eg/Inner.aspx?ContentID=28044

11. “IMF in Egypt as Currency Crisis Bites: Pound Has Lost Over 4% of Dollar Value,” Arab Times, January 7, 2013, www.arabtimesonline.com/NewsDetails/tabid/96/smid/414/ArticleID/191823/reftab/36/t/IMF-in-Egypt-as-currency-crisis-bites/Default.aspx.

12. African Development Bank, “Economic Quarterly Review–Volume 1,” June 2012, www.afdb.org.

13. Organization for Economic Co-operation and Development, “Growing Micro and Small Enterprises: Tackling Financing Obstacles in the MENA Region,” February 22, 2011, www.oecd.org/mena/investment/47246111.pdf.

14. Magda Kandil, “Strategy for Inclusive Growth: Sectoral Policy, Education Reform and SMEs Development” Egyptian Center for Economic Studies, 2012, www.eces.org.eg/Uploaded_Files/events/%7BFCA1E385-3829-4A0A-80CE-82F29B4B997C%7D_En.pdf.

15. نهال المغربل، "تدعيم الترابط بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمنشآت الكبيرة في الصناعة المصرية"، المركز المصري للدراسات الاقتصادية ECES، ورقة عمل رقم 140، 2008
.www.eces.org.eg/Uploaded_Files/%7BFB45F6DE-E5C5-4E6E-8A00-5719433FB11F%7D_ECESWP140-A.pdf.

16. Jackline Wahba, “Labour Markets Performance and Migration Flows in Egypt,” Robert Schuman Centre for Advanced Studies, November 2009, www.carim.org/public/workarea/home/Website%20information/Literature/Labour%20Market%20and%20Migration/3lmmfinal1egypt.pdf.

17. أدلى بهذا التعليقات رجل الأعمال المصري محمد قاسم، في ورشة عمل عُقِدَت لمناقشة مسودة سابقة لهذه الدراسة، في القاهرة في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، بالتعاون مع مؤسسة "شركاء في التنمية" Partners in Development.

18. "مركز "شفافية" يتّهم الرئيس بأخونة الدولة ومحاباة رجال مبارك على حساب الشعب المصري"، صحيفة "الموجز"، تشرين الثاني/نوفمبر 2012، www.elmogaz.com/node/55043

19. "ابدأ" هي الترجمة العربية للاسم المختصر للجمعية. وشعارها هو "ما تأخّر من بدأ".

20. David J. Lynch, “Egypt’s Islamists Woo Mubarak Tycoons as Mursi Seeks Funds,” Bloomberg, February 14, 2013, www.bloomberg.com/news/2013-02-13/egypt-islamist-elite-woos-mubarak-tycoons-as-mursi-seeks-funds.html.

21. Nadine Marroushi, “Brotherhood Businessman Urges Business to Play Role in Development,” Egypt Independent, April 15, 2012, www.egyptindependent.com/news/brotherhood-businessman-urges-business-play-role-development.

22. المصدر السابق.

23. تمت الإشارة إلى هذا الرأي، على سبيل المثال، في ورشة عمل نظمها "مركز كارنيغي في الشرق الأوسط" بالاشتراك مع مؤسسة "شركاء في التنمية"، في القاهرة في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2012. وقد عبّر رجلا الأعمال محمد نور ومحمد قاسم عن مثل هذه الآراء.

24. Ahmed Kotb, “Sharia-Friendly Banking Boost,” Al-Ahram Weekly Online, July 19–25, 2012, http://weekly.ahram.org.eg/2012/1107/ec2.htm.

25. الموقع الرسمي لحزب الإصلاح والتنمية: www.rdpegypt.org

26. الموقع الرسمي لحزب مصر الحديثة: www.masrelhadytha.org

27. أنظر إبراهيم سيف ومحمد أبو رمان، "الأجندات الاقتصادية للأحزاب الإسلامية"، أوراق كارنيغي، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أيار/مايو 2012.

http://www.carnegie-mec.org/2012/05/29/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AC%D9%86%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%AD%D8%B2%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9/b76v

28. الموقع الرسمي لحزب النور: www.alnourparty.org

29. سمير رضوان، "الاقتصاد المصري: هل ينتظر معجزة؟"، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2012.

http://www.carnegie-mec.org/2012/11/07/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D9%86%D8%AA%D8%B8%D8%B1-%D9%85%D8%B9%D8%AC%D8%B2%D8%A9/f0a6

30. “Egypt Requests IMF Loan,” Al Jazeera, August 22, 2012, www.aljazeera.com/news/middleeast/2012/08/201282216435357653.html.

31. “Committee Formed to Liaise Between Morsy, Private Sector,” Egypt Independent, July 31, 2012, www.egyptindependent.com/news/committee-formed-liaise-between-morsy-private-sector.

32. “China to Lend Egypt $ 200 m as Leaders Meet in Beijing,” MSN News, 2012, http://arabia.msn.com/news/business/business-news/182643/china-lend-egypt-m-leaders-meet-beijing.

33. أحمد البهنساوي وجهاد الطويل، "رجال الأعمال ينتقدون انفراد "مالك" بترتيب زيارة "مرسي" للصين وتجاهل الوزارات والمنظمات"، صحيفة الوطن، آب/أغسطس 2013.

34. Marwa Hussein, “Egypt Opens Door for Private Sector Investment in Infrastructure,” Al-Ahram Online, February 16, 2012, http://english.ahram.org.eg/NewsContent/3/12/34721/Business/Economy/Egypt-opens-door-for-private-sector-investment-in-.aspx.

35.World Bank “Interim Strategy Note for the Arab Republic of Egypt,” March 31, 2012, http://documents.worldbank.org/curated/en/2012/05/16341961/egypt-arab-republic-interim-strategy-note

36. كانت هذه وجهة نظر حازم الببلاوي، النائب السابق لرئيس الوزراء المصري ووزير المالية، في مقابلة معه، القاهرة، 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2012.

37. Hany Kadry Dimian, The Financial Monthly, Egyptian Ministry of Finance, September 2012, www.mof.gov.eg/MOFGallerySource/English/Reports/monthly/2012/sep/full%20version.pdf.

38. مقابلات أجراها أحمد غنيم.

39. “Dr. Morsi’s Electoral Program—General Features of Nahda (Renaissance) Project,” Ikhwanweb, April 28, 2012, www.ikhwanweb.com/article.php?id=29932.

40. يزيد صايغ، "فوق الدولة: جمهورية الضباط في مصر"، أوراق كارنيغي، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، آب/أغسطس 2012.

http://www.carnegie-mec.org/2012/08/01/%D9%81%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A8%D8%A7%D8%B7-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1/db9b

41. يزيد صايغ، "العلاقة المدنية-العسكرية الجديدة في مصر"، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 8 كانون الثاني/يناير 2013.

http://www.carnegie-mec.org/2013/01/10/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%80-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1/f0ym 

42. Sahar Nasr, “Access to Finance and Economic Growth in Egypt,” Middle East and North Africa Region, Report no. 41035 (Washington, D.C.: World Bank, 2007).

43. لمزيد من التفاصيل حول العلاقة الأمثل بين الدولة وقطاع الأعمال، أنظر:

www.odi.org.uk/sites/odi.org.uk/files/odi-assets/publications-opinion-files/6123.pdf

44. أنظر موقع "مرسي ميتر": www.morsimeter.com

45. التفاصيل متاحة على موقع المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية: http://ecesr.com

46. Nadine Abdalla, “Egypt’s Workers—From Protest Movement to Organized Labor: A Major Challenge of the Transition Period,” German Institute for International and Security Affairs, 2012, www.swp-berlin.org/fileadmin/contents/products/comments/2012C32_abn.pdf.