في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر الحالي، أوقِفت عشر نساء ينتمين إلى خلية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، في مدن مغربية عدّة. وقد صادرت أجهزة الاستخبارات مواد تُستخدَم في صنع المتفجّرات، وأعلنت أن الخلية كانت تخطّط لتنفيذ هجوم انتحاري في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، خلال الانتخابات التشريعية في المملكة.

قبل ذلك بفترة وجيزة، وتحديداً في 13 أيلول/سبتمبر الماضي، اعتُقِلت خمس نساء في باريس بعد العثور على سيارة محمّلة بأسطوانات غاز على مقربة من كاتدرائية نوتردام. كانت النساء، المرتبطات أيضاً بالدولة الإسلامية، يخطّطن لشنّ هجوم على محطة القطارات المزدحمة، غار دو ليون. علاوةً على ذلك، تحقّق السلطات مع نحو 59 امرأة في فرنسا على خلفية ارتباطهن بالدولة الإسلامية.

كانت تقديرات العام 2014 أشارت إلى أن واحداً من أصل كل سبعة أشخاص يتوجّهون إلى أراضٍ خاضعة إلى الدولة الإسلامية في سورية والعراق للقتال إلى جانب التنظيم، هم من النساء. ولكن يُعتقَد الآن أن هذا المعدّل وصل إلى الثلث. في السابق اعتُبرت مشاركة هؤلاء الجهاديات الغربيات والعربيات بأنها استثنائية، غير أن الأمثلة عن مشاركة النساء في التنظيمات الإسلامية القتالية كثيرة في الواقع. ففي فلسطين، استعان الجهاد الإسلامي الفلسطيني، وحتى حركة حماس، بالنساء. ومؤخراً، استخدم تنظيم القاعدة أيضاً نساء في الهجمات الانتحارية في العراق، فيما يجنّد تنظيم بوكو حرام نساء لشنّ هجمات على المدنيين والقوى الأمنية في نيجيريا – ومنذ حزيران/يونيو 2014، شاركت أكثر من مئة امرأة في عمليات انتحارية. وخَلُصت دراسة وضعتها الباحثة ميا بلوم إلى أن "النساء نفّذن أكثر من خمسين في المئة من العمليات الانتحارية الإرهابية الناجحة" في النزاعات التي شهدتها سريلانكا وتركيا والشيشان منذ العام 2002.

تثير الصور النمطية السائدة انطباعاً بأن النساء اللواتي يلتحقن بمجموعات جهادية يائسات، أو مختلات عقلياً، أو ساذجات، أو يتم التلاعب بهن من نظرائهن الذكور، أو يرغبن في أن يكنّ "عرائس للجهاديين". ويُعزى سبب هذه الأفكار النمطية إلى نظرة المجتمع إلى النساء على أنهن إما مربّيات يعتنين بالآخرين أو ضحايا، لكنه لايرى أنهن قادرات على الترويج للعنف. لكن، واقع الحال أن النساء اللواتي ينضممن إلى الدولة الإسلامية، سواء كنّ غربيات أو عربيات، يتصرّفن انطلاقاً من مجموعة عوامل معقّدة ومتعدّدة الأبعاد، تدفعهن إلى القيام بهذه الممارسات، وتتراوح بين عوامل دينية واقتصادية وسياسية ونفسية وفلسفية. ويُعدّ فهم الأسباب ضروريّاً للرد بطريقة أفضل على الجهادية وتطبيق إجراءات وقائية فعالة.

دعا تنظيم الدولة الإسلامية "الأخوات" للهجرة إلى الأراضي الخاضعة له، للمشاركة في أنشطة بناء الدولة وفي الحرب "ضد الكفّار". وكتبت أم سمية المهاجرة في مجلة "دابق"، المجلة الرسمية للتنظيم، أن الهجرة "واجب على النساء، تماماً كما أنها واجب على الرجال".

يعتقد عدد كبير من النساء اللواتي يتعاطفن مع الدولة الإسلامية، شأنهن في ذلك شأن نظرائهن الرجال، أن عليهن تأدية فريضة دينية تجاه المسلمين الآخرين وتجاه الله، وأن العيش في مجتمعات غير إسلامية إثم. وهن لايشجّعن أنسبائهن الذكور على الموت في سبيل القضية وحسب، بل هن مستعدات أيضاً للتضحية بأنفسهن من أجلها. لذا، يعظّمن الشهادة، ويعتقدن أنهن سيجتمعن بأحبائهن في الفردوس، وأن الشهادة تضمن الانتقال إلى هناك.

يرى عدد كبير من النساء المنضويات في الدولة الإسلامية، أن التنظيم كناية عن دولة تتمتع بقدرة حقيقية على الحكم، وتحمل راية قضية سامية ونبيلة، تتمثّل في إنقاذ الأمة وإنشاء الخلافة. وهذه الأخيرة هي، بنظرهن، مكانٌ تسود فيه الشريعة الإسلامية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وتغيب أشكال الفساد والتمييز، وحيث الزكاة فريضة يمارسها الجميع لمساعدة الأقل حظوة.

تعتبر هؤلاء النساء أنهن كنّ يعشن قبل الانضمام إلى التنظيم، حياةً "بعيدة عن التقوى"، وخالية من أي معنى. وينظرن إلى التحاقهن بالدولة الإسلامية على أنه بطولة ملحمية، وواجب أخلاقي دفاعاً عن قضية إلهية وسعياً وراء فتح سماوي. وهكذا، تكتسب حياتهن معنى، ويصبحن مجنِّدات وميسِّرات وأمّهات "أشبال اليوم وأسود الغد"، بحسب ماورد في تغريدة عبر حساب مؤيّد لتنظيم الدولة الإسلامية على موقع تويتر. إضافةً إلى ذلك، يمكنهن العمل في كتيبة نسائية إذا كنّ يتواجدن داخل أراضٍ تابعة للدولة الإسلامية، أو ينشطن في الخارج عبر نشر كلمة الله، أو التخطيط لهجمات في أوطانهن وحتى تنفيذها.

ترتدي الروابط الاجتماعية أهمية أساسية في تسهيل تجنيد عدد كبير من النساء وتعزيزه. ويساعدهنّ أفراد الأسرة أو الأصدقاء على مواجهة الصعوبات الناجمة عن عيش حياتهن في الخفاء. فللشبكات الاجتماعية دوراً مهمّاً في ترسيخ أواصر العلاقات داخل التنظيم، كما تشكّل إجراءات فعالة جدّاً في منع الانشقاقات. ويؤدّي الخوف من الثأر من الأحباء والمقرّبين، وعدم الرغبة في الظهور في صورة الجبناء، دوراً مهمّاً في ضمان ولاء العناصر للتنظيم.

خضعت سلمى وزهراء حلان، وهما فتاتان بريطانيتان هربتا من مدينة مانتشستر للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية في سورية، إلى تلقين عقائدي على يدَي شقيقهما الأكبر أحمد ابراهيم محمد. وجرى تجنيد ندى معيض القحطاني، من السعودية، من خلال العلاقات التي تربط شقيقها بالدولة الإسلامية. أما أميرة عباس وشميمة بيغوم وخديجة سلطانة اللواتي قرّرن أيضاً مغادرة المملكة المتحدة والتوجّه إلى أراضي الدولة الإسلامية، فكنّ زميلات على مقاعد الدراسة.

ستواصل النساء تأدية دور مهم في تنظيمات جهادية مثل الدولة الإسلامية. فهنّ يقدّمن دعماً عاطفياً ولوجستياً كبيراً، كما أنهن أشد خطورة من الرجال بمعنى أنهن قادرات على الوصول إلى الأهداف بسهولة أكبر. علاوةً على ذلك، تمارس الأفعال التي ترتكبها النساء تأثيراً نفسياً أقوى على المجتمعات المستهدَفة، وتحظى باهتمام إعلامي أكبر بكثير من الهجمات التي ينفّذها الرجال، مايساهم في الترويج لتنظيم الدولة الإسلامية ويساعد على تحفيز عناصره الرجال وشدّ عصبهم عبر اللعب على وتر الرجولة.

غالب الظن أن نزعة تجنيد النساء ستستمر، وسوف نشهد على الأرجح أعداداً أكبر منهن في ساحات الوغى. هذا ماتجلّى مؤخراً في مدينة سرت في ليبيا، حيث نشر تنظيم الدولة الإسلامية قنّاصات دفاعاً عن مواقعه في المدينة. مع خسارة التنظيم مزيداً من الأراضي، سيصبح هذا السلوك شائعاً بينما يرصّ الجميع صفوفهم زوداً عن الحدود.