في ظلّ تمدّد الأزمة السورية إلى الداخل اللبناني، يجب على طاولة الحوار الوطني العتيدة أن تولِّد تفاهماً صريحاً وإجماعاً وطنياً على كيفية معالجة الأزمة السورية والملاذ الآمن في الشمال. وفي غياب ذلك، سوف تزداد احتمالات التدخّل السوري، وإن كان لن يحصل قريباً، وسوف يقترب لبنان أكثر من النقطة التي ينقلب فيها ميزانه الداخلي الدقيق.
صحيح أن لبنان لا يتّجه حالياً نحو انهيار واسع النطاق، إلا أن الأطراف الإقليمية الفاعلة والمجتمع الدولي لا بد أن يدركا خطورة استخدام لبنان ساحةَ معركةٍ بالوكالة لبلد عربي آخر.
تعكس الأحداث في طرابلس حقيقة أن أي حرب أهلية في سورية لن تبقى ضمن حدود البلاد بل قد تتخطاها إلى لبنان وربما بلاد أخرى. وقد لا يبقى لبنان قادراً على النأي بنفسه عن الأحداث الجارية في سورية في ضوء الروابط الاجتماعية والطائفية الوثيقة التي تجمع البلدين.
إن فشل الجهود حتى الآن لإحلال السلام في السودان الكبير، خاصة في إطار مشروع اتفاق السلام الشامل، لا تبشِّر بالخير بالنسبة إلى فرص تجنُّب عقود جديدة من النزاعات ومن الإفقار المتواصل لكلا البلدين.
تراجعت الآمال في التوصل إلى سلام دائم في أعقاب استقلال جنوب السودان العام الماضي، بعد أن انخرط السودان وجنوب السودان بالفعل في أعمال حربية. كلا الجانبين في حاجة إلى الصراع مع الآخر في نواح كثيرة، بوصفه تكتيكاً يهدف إلى تشتيت الانتباه عن مشاكلهما الداخلية، ولذا لا يحرص أي منهما على التوصّل إلى تسوية.
ينحدر السودان نحو هوة الحرب، ويجب على المجتمعين الإقليمي والدولي أن يضطلعا بدورٍ إيجابي ويعملا بسرعة وفي شكل حاسم لإنقاذ أرواح مئات الآلاف من السودانيين، وقد يكون التغيير السياسي في الخرطوم، في نهاية المطاف، جزءاً لا يتجزأ من الحل.
ديناميكيات أربع تؤدي إلى التغيير في العالم العربي: جغرا-اقتصادية، وجغرا-اجتماعية، وجغرا-سياسية، وتكنولوجية. ومع استثناءات قليلة، لن يكون أي نظام سياسي قادراً على دعم الديناميكيات القائمة حالياً دعماً طويل الأمد، باستثناء الديمقراطية.
استضاف العراق قمة جامعة الدول العربية الأسبوع الماضي، وهو تطوّر هام بالنسبة إلى بلد كان مهمَّشاً من جيرانه العرب ويحاول الآن استعادة عافيته بعد سنوات من العنف الداخلي. لكن فيما تتحسّن علاقات العرب مع العراق، تدهورت علاقاتهم مع جارتهم سوريا.
إن تفاقم الأزمة السورية يتيح الفرصة أمام حزب العمال الكردستاني التركي لتعزيز نفوذه داخل سوريا، وزيادة تواجده على الحدود السورية-التركية.
إن زيادة السيطرة على الجيش العراقي ووزارة الدفاع تمنح رئيس الوزراء نوري المالكي وسيلة للسيطرة على خصمه السياسي الرئيس، أي ائتلاف العراقية.